وميالة في رأسها الشحم والندى * وسائرها خال من الخير يابس تهيبها الفتيان حتى انبرى لها * قصير الخطا في طوقه متقاعس ومالك بن طوق بن عتاب بن زافر بن مرة بن شريح بن عبد الله بن عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب: كان في زمن الخليفة هارون الرشيد رحمه الله تعالى، وهو صاحب رحبة مالك المضافة إليه على الفرات.
قلت: ومن ولده محمد بن هارون بن إبراهيم بن الغنم بن مالك الذي قدم اليمن قاضيا، صحبة محمد بن زياد الذي اختط مدينة زبيد - حرسها الله تعالى - وله ذرية بها طيبة يأتي ذكرهم في " ع م ق " إن شاء الله تعالى.
وفي المثل: كبر عمرو عن الطوق هكذا في العباب، والأمثال لأبي عبيد. والمشهور: شب عمرو عن الطوق كما في أكثر كتب الأمثال يضرب لملابس ما هو دون قدره. قال المفضل: أول من قال ذلك جذيمة الأبرش. وعمرو هذا هو عمرو بن عدي بن نصر ابن أخته. وكان خاله جذيمة ملك الحيرة قد جمع غلمانا من أبناء الملوك يخدمونه، منهم عدي بن نصر وكان جميلا وسيما فعشقته رقاش أخت جذيمة، فقالت له: إذا سقيت الملك، فسكر، فاخطبني إليه، فسقى عدي جذيمة ليلة وألطف له في الخدمة، فأسرعت الخمر فيه فلما سكر قال له: سلني ما أحببت، فقال: زوجني (2) رقاش أخت، قال: ما بها عنك رغبة قد فعلت، فعلمت رقاش أنه سينكر ذلك إذا أفاق، فقالت للغلام ادخل على أهلك الليلة ففعل أي: دخل بها وأصبح في ثياب قد لبسها جدد، وتطيب من طيب، فلما رآه جذيمة قال: يا عدي ما هذا الذي أرى؟ قال: أنكحتني أختك رقاش البارحة، فقال: ما فعلت، ثم وضع يده في التراب وجعل يضرب وجهه ورأسه، وأقبل على رقاش، وقال:
حدثيني وأنت غير كذوب * أبحر زنيت أم بهجين أم بعبد، وأنت أهل لعبد * أم بدون وأنت أهل لدون وفي نسخة: فأنت أهل. قالت بل زوجتني كفؤا كريما من أبناء الملوك، فأطرق جذيمة ساكتا، فلما أخبر عدي بذلك خاف على نفسه فهرب منه ولحق بقومه وبلاده ومات هنالك، وعلقت منه رقاش، فأتت بابن سماه جذيمة عمروا، وتبناه أي: اتخذه ابنا له، وأحبه حبا شديدا، وكان جذيمة لا يولد له، فلما ترعرع وبلغ ثماني سنين كان يخرج مع عدة من الخدم يجتنون للملك الكمأة، فكانوا إذا وجدوا كمأة خيارا أكلوها، وأتوا بالباقي إلى الملك، وكان عمرو لا يأكل منه أي مما يجتني، ويأتي به جذيمة كما هو فيضعه بين يديه، ويقول:
هذا جناي وخياره فيه * إذ كل جان يده إلى فيه فذهبت كلمته مثلا. ثم إنه خرج يوما وعليه حلي وثياب، فاستطير (3) ففقد زمانا، فضرب في الآفاق فلم يوجد، وأتى على ذلك ما شاء الله، ثم وجده مالك وعقيل ابنا فارج كذا في العباب، ويقال: ابنا فالج أيضا باللام، كما في شرح الدريدية لابن هشام اللخمي: رجلان من بلقين أي بني القين كانا متوجهين إلى جذيمة بهدايا وتحف، فبينما هما نازلان بواد من الأودية في السماوة انتهى إليهما عمرو بن عدي وقد عفت أظفاره وشعره فسألاه: من أنت؟ فقال: ابن التنوخية فلهيا عنه، فقالا لجارية معهما: أطعمينا، فأطعمتهما، فأشار عمرو إليها أن أطعميني، فأطعمته، ثم سقتهما فقال عمرو: اسقيني، فقالت الجارية: لا تطعم العبد الكراع فيطمع في الذراع فأرسلتها مثلا، ثم إنهما حملاه إلى جذيمة، فعرفه ونظر إلى فتى ما شاء من فتى وضمه وقبله، وقال لهما: حكمكما، فسألاه منادمته فلم يزالا نديميه حتى فرق الموت بينهم، وصارت تضرب