اللفظ أن يكون معناه أرسلني إليها برسالة إلا أنه جاء على القلب؛ إذ المعنى: كن رسولي إليها بهذه الرسالة، فهذا على حد قولهم:
ولا تهيبني الموماة أركبها (1) أي ولا أتهيبها، وكذلك ألكني لفظه يقتضي أن يكون المخاطب مرسلا والمتكلم مرسلا، وهو في المعنى بعكس ذلك، وهو أن المخاطب مرسل والمتكلم مرسل، وعلى ذلك قول ابن أبي ربيعة:
ألكني إليها بالسلام فإنه * ينكر إلمامي بها ويشهر (2) أي بلغها سلامي وكن رسولي إليها. وقد تحذف هذه الباء فيقال: ألكني إليها السلام قال عمرو بن شأس:
ألكني إلى قومي السلام رسالة * بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا (3) فالسلام مفعول ثان، ورسالة بدل منه، وإن شئت حملته إذا نصبت على معنى بلغ عني رسالة، والذي وقع في شعر عمرو بن شأس:
ألكني إلى قومي السلام ورحمة الإله * فما كانوا ضعافا ولا عزلا (4) وقد يكون المرسل هو المرسل إليه، وذلك كقولك: ألكني إليك السلام: أي كن رسولي إلى نفسك بالسلام، وعليه قول الشاعر:
ألكني يا عتيق إليك قولا * ستهديه الرواة إليك عني (5) وفي حديث زيد بن حارثة وأبيه وعمه:
ألكني إلى قومي وإن كنت نائيا * فإني قطين البيت عند المشاعر (6) أي بلغ رسالتي.
وتقدم في ترجمة ع ل ج يقال: هذا ألوك صدق، وعلوك صدق، وعلوج صدق، لما يؤكل، وما تلوكت بألوك، وما تعلجت بعلوج.
[أنك]: الآنك، بالمد وضم النون قال الجوهري: وهو من أبنية الجمع وليس أفعل غيرها أي في الواحد، قاله الأزهري، زاد الجوهري وأشد زاد الصاغاني، وآجر، في لغة من خفف الراء، قال الأزهري فأما أشد فمختلف فيه: هل هو واحد أو جمع، وقيل: يحتمل أن يكون الآنك فاعلا لا أفعلا، وهو شاذ.
قلت: وقد سبق هذا القول في ش د د عند قوله تعالى: (حتى يبلغ أشده) (7) ويروى أيضا بضم الهمزة، قال السيرافي: وهي قليلة، ومر الاختلاف في كونه جمعا أو مفردا، وعلى الأول فهل هو جمع شدة أو شد بالفتح، أو بالكسر، أو جمع لا واحد له من لفظه، ومر هناك أيضا قول شيخنا، ولعل مراده من الأسماء المطلقة التي استعملتها العرب، فلا ينافي ورود أعلام على بلاد ككابل وآمل، وما يبديه الاستقراء، فتأمل ذلك.
الأسرب وهو الرصاص القلعي، قاله القتيبي. قال الأزهري: وأحسبه معربا أو أبيضه أو أسوده أو خالصه.
وقال القاسم بن معن: سمعت أعرابيا يقول: هذا رصاص آنك، أي خالص، وقال كراع: هو القزدير، وقال: وليس في الكلام على فاعل غيره، فأما كابل فأعجمي، وقد جاء في الحديث: " من استمع إلى قينة صب الله الآنك في أذنه يوم القيامة " رواه ابن قتيبة. وقال ابن الأعرابي: أنك يأنك: عظم وغلظ وبه فسر قول رؤبة:
في جسم خدل صلهبي عممه * يأنك عن تفئيمه مفأمه (8)