وقطع الطرق، قد أصبحوا يعيشون حالة الرعب والخوف من المسلمين إلى درجة كبيرة، وكانوا إذا تناهى إليهم ما يشير إلى تحرك المسلمين باتجاهم، فإنهم لا يجرؤون على الظهور بمظهر التحدي، ولا يتخذون قرارا بالهجوم، أو التصدي للدفاع، وإنما يقررون الفرار إلى رؤوس الجبال، والتمنع فيها، أو التخفي في أي من المسارب المهارب، حتى ولو أدى ذلك إلى استيلاء المسلمين على أموالهم، ومواشيهم، وحتى على نسائهم وأولادهم أحيانا.
2 - أضف إلى ذلك: أن ذلك قد هيأ الجو للنبي (ص) ليعقد تحالفات كثيرة مع كثير من القبائل في ذلك المحيط. وقد نتج عن ذلك، وعن الجهد الذي بذله (ص) لرد كيد أعدائهم وإفشال مخططاتهم، بواسطة ما أرسله من سرايا وغزوات. أن تأكدت قوة المسلمين، وظهرت شوكتهم، وعرف الناس كلهم مدى تصميمهم على تحقيق أهدافهم، ومواصلة طريقهم الرامي إلى نشر هذا الدين، والدفاع عنه، وبذل كل غال ونفيس في سبيله.
وقد كان من الطبيعي أن ينزعج المكيون لذلك، وأن يضايقهم، ويفقدهم كثيرا من الامتيازات السياسية والعسكرية وغيرها. كما أنه يحد إلى حد بعيد - من حريتهم في التحرك لعقد تحالفات واسعة ومؤثرة ضد المسلمين، ما دام أن الكثيرين من سكان المنطقة لن يجرأوا على عمل من هذا القبيل بسبب هزيمتهم النفسية حسبما تقدم.
3 - كما أن ذلك قد هيأ للمسلمين أجواء ومناخات مريحة إلى حد ما استطاعوا فيها مضاعفة نشاطهم الإعلامي، وكان ذلك سببا في انتشار دعوتهم، وبعد صيتها، حتى أصبحت الحديث اليومي للصغير والكبير في مختلف البلاد، والعباد. وترسخت هذه الدعوة وامتدت جذورها باطراد، واطمأن كثير من الناس إليها، وعولوا عليها. وتلمسوا فيها كل المعاني الخيرة والنبيلة، الموافقة لما تحكم به عقولهم، وتقضي به فطرتهم. وقد