قال من قصيدة، وهي من شعره عندما كان مدرسا في ثانوية الناصرية:
على وحي الهوى خفقت بنودي * وفي نغماته دوى نشيدي بمدرسة العواطف رف قلبي * وبين ضلوعها رفت مهودي انا الذكرى التي طارت وحامت * على الدنيا بأجنحة الخلود أنا الحب الذي ربط البرايا * بأسلاك أشد من الحديد تهز الكائنات بمن عليها إذا ما استيقظت نغمات عودي أرق من الهوى لغة وأحلى * من النشوى وتمتمة الوليد سكبت على القلوب ندى رقيقا * كأنداء الصباح على الورود دعوني املأ الدنيا حنانا * وأشدو بالنشائد والقصيد على شفتي جميل طاف لحن * شجي عبقري من نشيدي وفي ديوان قيس لاح ضوء * سماوي مشع من وجودي ومن روحي أطل الوحي شعرا * على (ولادة) وأبي الوليد (1) وقال:
ذاب الرحيق العذب في شفتيك * والوردة الحمراء في خديك ظمئ الجمال ومذ رآك تحركت * شفتاه وارتمتا على نهديك حتى إذا مص السلافة وانتشى * منها هوى لثما على قدميك والروح إن خفقت فما بخفوقها * غير الصبابة والحنين إليك والقلب ما في القلب يا ليلى سوى * ذكرى تطل مع الزمان عليك هذا مكانك في الحياة فما الذي * جعل الدموع تجول في عينيك لا الهزة النشوى ولا أحلامها * تختال كالنغمات في عطفيك لا البلبل الشادي يهزك حسنه * بين الرياض ولا حمام الايك ولقد - لمحت لدن لمحتك - بسمة * صفراء شاحبة على شفتيك لو كان دهرك في يدي لحملته * ووضعته كالعبد تحت يديك وقال:
دنياك عابسة وفي لحظاتها * صور الحياة تنم عن نياتها ومشت على ضوء النجوم غمامة * مجنونة رعناء في خطواتها طار الرفاق وخلفوك أمامها * في الأفق وحدك تتقي غاراتها فخلقت من دمك المذوب شمعة * سخرت من الدنيا ومن ظلماتها ووقفت في دنيا العواصف ضاحكا * مستهزأ فيها، وفي صرخاتها وحملت في يدك الشموع وسرت في * وادي الحياة تجوب منعطفاتها أقوى من الدنيا العنيفة مهجة * وأشد في الأهوال من وثباتها حتى تناوحت الرياح وأقبلت * تغزو شموعك من جميع جهاتها رجفت لها الأضواء واضطربت وما * بقيت سوى الخفقات في شعلاتها وبقيت في الصحراء وحدك لا ترى * غير الرمال موج في جنباتها حيران!! لا قمر ولا نجم بها * يهديك - يا قلبي - إلى واحاتها وتلفتت عيني لتبصر ما الذي * أعددت للأكوان في غاراتها فإذا العيون ترى - كما كانت ترى - * ضحكا على الدنيا، على حركاتها ضحكا على الصحراء وهي تهدد * القلب الغريب بهولها وعتاتها ضحكا على الأكوان في وثباتها * ضحكا على الوادي، على هضباتها ما أنت في لغة الحياة؟! ألفظة؟! تتحرك الألغاز في حركاتها!!
أم أنت في كتب الطلاسم صفحة * لا تعرف الأفلاك محتوياتها؟!
وحمامة وقفت بافقك وانبرت * تملي عليك الوحي في وقفاتها شدوا أحن من القلوب - إذا مشى * فيها الهوى - وارق من خفقاتها ترنو إليك، وفي العيون قصيدة * تتظلل الأحلام في أبياتها هي نظرة أخفت وراء طيوفها * ليلى، وعفراء الهوى، ولداتها رفعتك للملأ العلي بلحنها * وعن الورى شالتك في نغماتها فذهبت في دنيا النعيم ترف في * اجوائها، وتطوف في جناتها الجو كأس والشعاع سلافة * ورؤاك عاكفة على نهلاتها والأرض حولك روضة قدسية * وهواك كالانداء في زهراتها شاعت أمانيك العذاب بها كما * شاع الشذى والعطر في نفحاتها ودنت حمامتك المطوقة التي * رفعتك عن دنياك في نبراتها فأذبت روحك عندها أنشودة * وسكبتها - يا قلب - في نظراتها أخذتك حتى كنت فوق جفونها * لحنا، وإشعاعا على بسماتها أخذتك حتى كنت فوق شفاهها * نغما، وتمتمة على كلماتها ومشت إليك وفي خطاها رعشة * أفهل مشت نجواك في خطواتها؟!
حتى إذا قرب العناق وأوشكت * تتنهد الشفتان في وجناتها " شحذوا المدى لك دونها فركبتها * تغتر حتى طرت في شفراتها " هزتك روح الكبرياء، وعزة * تتضاءل الأكوان في ساحاتها فوقفت في وجه المدى ورميتها * ورمتك حتى ذبت في طعناتها ثم انثنيت وفي ضلوعك لوعة * حرى يضج الكون من لذعاتها لواحة غضبى كأن جهنما * سكبت على جمراتها زفراتها أين العيون الفاتنات وما حوت * من عاطفات الروح في نظراتها؟!
أين الشفاه الحالمات وما طوت * من عاطفات الحب في بسماتها؟!
لتلم من هذي وتلك تميمة * تحميك من سقر، ومن جمراتها؟
ذهبت وما تركت سوى الذكرى وما * خلعت على الأرواح من غصاتها وبقيت لا عين، ولا روح، ولا * شفة، ترف عليك في قبلاتها ظمآن ترنو، والكؤوس بعيدة * ومناك حائمة على قطراتها خذلتك ساحرة العيون وأنت ما * زلت الوفي تطوف في شرفاتها يا أيها المضني أفق ما هذه * النشوى التي تطويك في غمراتها؟
حرمت عليك الكأس حتى نهلة * منها، فكيف طمعت في رشفاتها (2) وعصابة عمياء تعتنق الهدى * اسما وما مر الهدى بحياتها عاشت على الموتى ولما لم تجد * شبعا بها عكفت على حشراتها وتحرك القدر اللئيم عشية * ثم انثنى ورماك في عرصاتها فتلفتت عيناك في انحائها * لترى... فلم تبصر سوى هبواتها الأرض بيداء، وأنت مشرد * ناء غريب الروح في جناتها والجو ملتهب كأن وراءه * سقرا تصب عليه مقذوفاتها فوقفت تلتمس النجاة كسائح * تاهت به الأظعان في طرقاتها حتى إذا انحدرت رفيقة يوشع * وبدا الشحوب يلوح في وجناتها عوت الذئاب وولولت حتى شكا * أهل السما والأرض من أصواتها فجزعت من أخلاقها وارتعت من * أوضاعها ونفرت من عاداتها