اختياره المشهور، لكن ستعرف حكايته في كشف اللثام عن ألفيته، إلا أن الشهيد الثاني قد فهم منها خلاف ذلك.
وكيف كان فقد انحصر الخلاف الفخر خاصة أو مع الشهيد والمقداد بناء على إرادته الوجوب من الأولوية، نعم مال إليه في المدارك تبعا لشيخه وبعض متأخري المتأخرين، وفي كشف اللثام أنه الأقوى للأمر في الآية (1) بتولية الوجوه شطر المسجد الحرام، واحتمال كونه فاحشا، وظهور ما مر من خبري الفضيل (2) والقماط (3) في غير العمد، واحتماله في المجوز للالتفات من الأخبار، واحتمال الالتفات بالعين أو القلب فيها، وهو مختار الألفية، وفي الحدائق - بعد أن اعترف أن الأصحاب ردوا فخر المحققين - قال: " ولكن ذلك منهم عجيب، لأن هذه الأخبار ظاهرة الدلالة عليه كالنور على الطور " مشيرا إلى سائر النصوص (4) المتضمنة للنهي ونحوه عن قلب الوجه وصرفه ونحوها تبها لسيد المدارك، بل زاد فيها أنه حملها الشهيد على الكل لصحيح زرارة إلى آخره، ثم قال: وقد يقال: إن هذا المفهوم مقيد بمنطوق رواية الحلبي (6) فإن الظاهر تحقق التفاحش بالالتفات بالوجه إلى أحد الجانبين، قلت: قد عرفت فمقتضى الجواز من النصوص والفتاوى مما لا يصلح شئ من ذلك لمعارضته، إذ الوجوه المأمور بتوليتها المكنى بها عن الكل قطعا التي هي منه بل معظمه قد يمنع منافاة الالتفات المزبور لتوليتها، خصوصا بعد قيام الأدلة المذكورة.
ولعل مرجع اعتبار الأصحاب الاستقبال مع حكمهم هنا بالكراهة إلى ذلك، ومثله المراد في مجموع الآية والنصوص، فلا يتفاوت حينئذ بين طول الالتفات وقصره