بالقيام في موثق سماعة ومضمر ابن مسلم السابقين وغيرهما، وباطلاق الأمر بالجلوس بين الخطبتين في صحيح عمر بن يزيد (1) وغيره من النصوص، إذ الأصل في الواجب كونه مطلقا، ولا يتم حينئذ إلا بالقيام، فيجب فيها جميعها، لعدم القول بالفصل، على أنه المنساق من الجلوس بينهما، وبخبر أبي بصير (2) أنه سأل " عن الجمعة كيف يخطب الإمام؟ قال: يخطب قائما، إن الله يقول: وتركوك قائما " (3) بل قد يستفاد منه حينئذ هنا صحة الاستدلال على الوجوب بالتأسي، ومن المعلوم أن فعله (عليه السلام) وفعل أمير المؤمنين (عليه السلام) والحسن والصحابة القيام فيهما.
نعم قد يتوقف في وجوب الطمأنينة فيه وإن صرح جماعة به، بل في الحدائق قالوا، لكن دليلها منحصر في البدلية المزبورة، وشمولها لنحو ذلك محل نظر، ولم يثبت استدامة النبي والأئمة (عليهم الصلاة والسلام) عليها بل ربما كان الظن بخلافها إذا طالت الخطبة بالوعظ ونحوه.
أما مع العجز ولو بمستند فقد صرح جماعة بجواز الجلوس حينئذ، بل هو المشهور على الظاهر بل قيل: إن ظاهرهم الاجماع عليه، بل ربما ظهر ذلك أيضا من المدارك فيما تسمعه، بل عن الشيخ نجيب الدين أن شيخه المدقق صاحب المعالم ادعى الاجماع على ذلك، وكأنه كذلك مع تعذر الاستخلاف، كما أنه الأقوى مطلقا، لظهور ما دل على الشرطية في حال الاختيار، فيبقى الاطلاق حينئذ سالما، ولأنه قد يشعر به صحيح عمر بن يزيد (4) السابق باعتبار عدم الانكار فيه على معاوية، وذكره حكم الخطبة في حال القيام الذي قد يشعر بأن لها حالا آخر غيره، وهو ما حكاه عن معاوية، ولأولوية الصلاة منهما في اعتبار القيام وقد قام الجلوس مقامه مع العجز، بل مقتضى بدليتهما عن الركعتين