وأما جواز ارتزاقه من بيت المال فلا خلاف أجده فيه، كما عن مجمع البرهان الاعتراف به، بل عن غير واحد نسبته إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الاجماع عليه، بل في التذكرة والمحكي عن المختلف والمنتهى دعواه صريحا عليه، نعم قيده جماعة من الأصحاب بعدم وجود المتطوع، بل لا خلاف أجده في ذلك، بل عن التذكرة الاجماع عليه، ضرورة عدم المصلحة للمسلمين في ارتزاقه معه، كضرورة عدم جواز صرفه في غير مصالحهم، فمع وجود المتبرع حينئذ الجامع لشرائط الكمال لا يجوز ارتزاق غيره قطعا، أما إذا كان المتبرع فاقد بعض صفات الكمال التي في وجودها مصلحة للمسلمين كالعدالة ونحوها اتجه حينئذ الجواز.
كما أن المتجه أيضا مراعاة التعدد مع فرض الاحتياج إليه، وفي المحكي عن نهاية الإحكام لو تعددت المساجد ولم يمكن جمع الناس في واحد رزق عدد من المؤذنين يحصل بهم الكفاية ويتأدى الشعار، ولو أمكن احتمل الاقتصار على رزق واحد نظرا لبيت المال، ورزق الكل لئلا يتعطل المساجد، قلت: الذي يظهر بعد التأمل أن محل البحث الأذان الاعلامي لا الصلاتي الذي ظاهر الأدلة كون الخطاب به كخطاب الصلاة وقنوتها وتعقيبها يراد منه المباشرة من المكلفين، والاجتزاء بأذان الغير لصلاته في بعض الأحوال بشرط السماع مثلا لا يلزم منه جواز النيابة التي تقتضي على فرض الصحة الاكتفاء بما يفعله الغير وإن لم يكن لصلاة ولم يسمعه المصلي كما في غيره مما تصح النيابة فيه، ويكون بها فعل النائب فعل المنوب عنه، وشرع ذلك هنا بعيد عن الأدلة من غير فرق بين أذان الجماعة والمنفرد، وإن قلنا إن المخاطب بأذان الأولى إمامها، لأن المأمومين يصلون بصلاته، وفعل الغير حينئذ يسقط عنه إذا كان جامعا للشرائط من السماع ونحوه، ضرورة عدم التلازم بين جواز ذلك والنيابة كما عرفت، وقاعدة جواز الإجارة في كل ما جاز التبرع فيه مقطوعة هنا بظهور الأدلة في المباشرة أو السماع على