في المؤذن بنيته الانفراد ثم قيل له في الجماعة، لكنه كما ترى لا يصلح أن يكون مثله مدركا لمثله، لعدم ثبوت التنزيل المذكور بالنسبة إلى ذلك، فالاطلاق حينئذ بحاله، وجريان السيرة بأذان واحد للجماعة لا يقضي بمشروعية الأذان لها على الوجه المزبور، إذ لعله لاجتزاء خصوص المؤذن عن نفسه بأذانه، وغيره بسماعه الذي ستعرف إجزاءه ومن لم يسمع بدخوله في الجماعة مثلا، لما عرفت سابقا أنه من أدرك جماعة قبل أن تتفرق دخل بأذانهم من غير فرق بين إدراكها بعد الفراغ وقبله، بل السابق أولى من اللاحق بذلك قطعا، وحينئذ فلو فرض أذان الجماعة لم يسمعوه لم يكن مجزيا، بل إذا لم يكن قد سمعه الإمام خاصة لم يجتز هو به، لعدم الدليل الصالح لمعارضة ما عرفت، بل يجوز لمن لم يسمع من الجماعة المجتمعة للصلاة ولم يكن الإمام حاضرا الأذان لصلاته، بل ومن سمع منهم قبل مجئ الإمام، لا طلاق الأدلة السالم عن المعارض، فحينئذ لا بأس بما ذكره المصنف وغيره من جواز تعدد المؤذنين دفعة ومترتبين، ولا داعي إلى حمله على خصوص الاعلام، وما يحكى عن الشيخ أبي على نجل الشيخ الطوسي في شرح نهاية والده - من الاجماع على أن الزائد على اثنين بدعة - يقوى في الظن إرادته ما ذكره والده في الخلاف من إجماع الفرقة على ما رووه (1) من أن الأذان الثالث بدعة، قال:
فدل ذلك على جواز اثنين، والمنع عما زاد، وفيه أن مثل ما نحن فيه لا يعد ثالثا كما اعترف به في جامع المقاصد، ضرورة كون تكراره باعتبار تعدد المكلفين، فكل منهم يؤذن لصلاته لا أنه أذان متعدد لصلاة واحدة، فإن الثاني حينئذ بدعة فضلا عن الثالث، على أن الخبر المزبور مشاربه إلى بدعة مخصوصة من تعدد الأذان لصلاة الجمعة، وقد تقدم تمام البحث فيه عند الكلام في الجمع بين الفرضين، ويأتي إن شاء الله زيادة عليه في الجمعة، وعلى كل حال فهو غير ما نحن فيه، ولو سلم أن المراد باجماع أبي على