مما يستحب في المؤذن بعيد، وفي المحكي عن مجمع البرهان (لا فرق في الصفات المرجحة بين العقلية والنقلية) فتأمل جيدا.
ومع فرض عدم حصول المرجح لتعارض المرجحات أو تساويها يقرع بينهم، إذ التخيير وإن كان ممكنا لكن لا ريب في أولوية القرعة منه، سيما في الأول باعتبار كونه من تزاحم الحقوق، ولأنه أطيب لنفوس المتشاحين، وأعذر عندهم، ولما عساه يومي إليه قوله صلى الله عليه وآله (1): (ثلاثة لو علمت أمتي ما فيها لضربت عليها بالسهام: الأذان والغدو إلى الجمعة والصف الأول) وقوله صلى الله عليه وآله (2):
(لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يسهموا عليه لفعلوا) من مشروعية القرعة فيه، مضافا إلى ما ورد (3) من كونها لكل أمر مشكل، وقد أشكل الحال بطلب كل ذلك.
ومما ذكرنا يظهر لك ما في كلام جماعة من أصحابنا حيث اقتصروا على الصفات المرجحة في الأذان، اللهم إلا أن يكون ذلك لندرة الترجيح بغيرها، أو أن مرادهم بالمرجحة أعم من العقلية والنقلية أو غير ذلك مما لا ينافي ما ذكرنا، بل من المحتمل إرادتهم ذكر المرجحات في الجملة، ولذا أناطوا القرعة بالتساوي وإن كان الظاهر إرادتهم التساوي في المرجحات المزبورة، لكن قد يبعده أنه كما يرجع إليها في ذلك يرجع إليها عند تعارض المرجحات، وإلا كان محلا للنظر لما عرفت، ففي المحكي عن المنتهى والتحرير والموجز (قدم من اجتمع فيه الصفات المرجحة، ومع التساوي القرعة) لكن عن الموجز منها أنه (يقدم جامع الصفات، فالراتب) وفي التذكرة والمحكي عن نهاية الإحكام وكشف الالتباس (قدم من كان أعلى صوتا، وأبلغ في معرفة الوقت،