استمرار الخلق مما يفيد بناءها على القطع واليقين لا الظن والتخمين.
وقد ادعى الوجدان في الحدائق على مخالفة قبلة جميع ما شاهده من البلدان للقواعد الرياضية، ومنها الداخل في الاسلام في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وعين فيها ولاة من جهته، إلى أن قال: (واللازم من ذلك أحد أمرين، إما بطلان صلاة أهل تلك البلدان في جميع الأزمان، أو عدم اعتبار هذه العلامات وإن أفادت اليقين كما ذكروه دون الظن والتخمين، والأول أظهر في البطلان من أن يحتاج إلى البيان، سيما وجملة منها صلى فيها الأئمة (عليهم السلام) كالمدينة وخراسان ومسجد الكوفة، ودعوى التغيير في هذه البلدان عما كانت عليه في سابق الأزمان دعوى بغير دليل، بل مخالفة لما جرت عليه كافة العلماء جيلا بعد جيل، فتعين الثاني) قلت: لا يفهم المراد من هذا الكلام، إذ هذه الأمارات أكثرها شرعية، ضرورة كونها مأخوذة من نص الشارع أو بالمقايسة لما نص عليه ولو تقريبا، فإن أراد مخالفة قبلة البلدان المزبورة لهذه الأمارات مخالفة تؤدي إلى فساد الصلاة ففيه منع، وإن أراد مخالفتها للقواعد الرياضية من الدوائر والأسطرلابات ونحوها فقد عرفت أنه لا عبرة بهذا الاختلاف الذي منشأه مراعاة التحقيق في القواعد المزبورة، وبناء القبلة على التقريب كما أومأ إليه اختلاف ما جعله الشارع علامة لذلك على ما قدمناه سابقا، وإن أراد أن قبلة البلد لا يعارضها الاجتهاد في اليمين والشمال القادحين فضلا عن غيرهما فمرحبا بالوفاق، لما أشرنا إليه سابقا، فتأمل جيدا، والله أعلم.
والظاهر أن المدار على ما ثبت أنها قبلة البلد، فلا يكفي ظنها ولو من إخبار صاحب الدار إلا أن تنضم معه قرائن يعلم منها صدقه، وليس التعويل عليها بصحة فعل المسلم، وإلا لجاز التعويل على قبلة الشخص الواحد من غير حاجة إلى التقييد بالبلد، بل العمل عليها للاطمئنان الحاصل من اتفاق الخلق الكثير في الأزمنة المتطاولة، فينبغي أن يجعل