عن يقين وحس، بل لعل ظاهر الأخبار ما لا يشمل الخبر عن الاجتهاد، وما قوي عند المصنف ليس عملا بالخبر من حيث كونه خبرا بل لأنه اجتهاد رافع للاجتهاد الأول، ولذا لم يفرق بين العدل وغيره، بل لم أجد بعد التتبع قولا لأحد من معتمدي الأصحاب بالعمل بخبر العدل من حيث إنه حجة شرعية، نعم أرسله في جامع المقاصد عن بعضهم ولم أعرفه، فقال: قيل بالاكتفاء بشهادة العدل المخبر عن يقين في ذلك وفي الوقت، وهو ضعيف لأنه مخاطب بالاجتهاد فيهما، ولم يثبت الاكتفاء بذلك، بل قد يظهر من القيل في عبارة المصنف وغيرها عدم اعتبار الخبر هنا مطلقا وإن كان الظن به أقوى، إما لأن الرجوع إلى الغير نوع من التقليد، وهو غير جائز للقادر على الاجتهاد، وإما لأن ظاهر التحري واجتهاد الرأي ما لا يشمل الظن الناشئ من إخبار الغير، سواء كان عن اجتهاد أو حس، بل لعله هو مقتضى اطلاق قول الفاضل:
(ولو تعارض الاجتهاد وإخبار العارف رجع إلى الاجتهاد) بل عن كشف الالتباس أن ظاهر المصنفات ذلك في المخبر عن حس فضلا عن غيره، بل كاد يكون صريح المسالك أيضا، حيث إنه بعد أن ذكر أن وجه القوة التي أشار إليها المصنف رجحان خبر الغير في نفسه، فيكون المصير إليه أولى من الطرف المرجوح، قال: ويضعف بأن الرجوع إلى الغير تقليد لا يجوز المصير إليه مع إمكان الاجتهاد، نعم لو كان المخبر عدلين عن علم اتجه تقديمهما على اجتهاده، وفي الذكرى ولو اجتهد وأخبر بخلافه أمكن العمل بأقوى الظنين، لأنه راجح، وهو قريب، ووجه المنع أنه ليس من أهل التقليد، وبه علل في جامع المقاصد عبارة الفاضل المزبورة، ثم قال: وفي الذكرى أن رجوعه إلى أقوى الظنين قريب، لأنه راجح، والأصح المنع إلا أن ينضم إلى الأخبار مرجحات أخر، فيكون التعويل على الاجتهاد لا على الأخبار، ولا فرق في ذلك بين