العراق أن قبلة مسجد الكوفة متيامنة، وبقية المساجد تابعة له، والتقية منعت عن التصريح بذلك، فورد الأمر بالتياسر لأهل العراق على ذلك بأحسن وجه، وقد ذكر بعض الأصحاب أيضا أنه لا يوافق المشاهد الآن من قبلته العلامات المعلوم نصبها من الشارع، كوضع الجدي على الكتف، اللهم إلا أن يدفع ذلك بأنه بعد فرض معلوميته يكون هو الشاهد على وضع الجدي لا العكس، ومن هنا أيد بعضهم القول بأن العلامة وضع الجدي على المنكب الأيمن بمعنى مجمع عظم العضد والكتف بموافقته للمشاهد الآن لقبلة مسجد الكوفة، إلا أن الانصاف عدم وصول تواتره إلينا بطريق قطعي، بل أقصاه الطريق الظني باعتبار نقل جماعة من أجلاء الأصحاب، وفي جريان أحكام المقطوع به عليه باعتبار ثبوته بطريق شرعي إشكال بل منع، ضرورة صلاحية معارضته بظن آخر أقوى من ذلك، وأولى منهما في عدم ثبوت التواتر غيرهما في المساجد، كمسجد سر من رأى وطوس والبصرة والمدائن وغيرها من المساجد المدعى فيها القطع بنصب معصوم لمحاريبها أو صلاته فيها على وجه لا تيامن وتياسر فيه، بل وكذا قبور الأئمة (عليهم السلام)، فإنه وإن كان الثابت عندنا أن المعصوم (عليه السلام) لا يقبره غير المعصوم إلا أن قبورهم (عليهم السلام) قد تغيرت بسبب وضع الشبابيك والصناديق والحضرات ونحوها، وبها حصل التغيير.
ومن هنا قال بعض مشائخنا: أن الحضرة الشريفة في سر من رأى وشباكها والسرداب الشريف على خلاف الجهة قطعا، وما ذاك إلا للتصرف المزبور، وهذا كلام عرض بالبين، وإلا فوظيفة الفقيه إناطة الحكم بعلم الجهة من غير تعرض لأسباب العلم، ضرورة اختلافه باختلاف الناس، فقد يستفاد أيضا من تواتر الجهة وشياعها وأخذها يدا بيد، واتفاق أهل النظر، وغير ذلك، قيل ومن ذلك استعمال العلامات المفيدة لذلك كالجدي ونحوه على بعض الوجوه، وقد عرفت فيما مضى أنه ذكر غير واحد