به إذا وجه، قال الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي (1) منها: (لا بأس أن يؤم الأعمى القوم وإن كانوا هم الذين يوجهونه) وقال (عليه السلام) أيضا في خبر السكوني (2): قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث: (لا يؤم الأعمى في الصحراء إلا أن يوجه إلى القبلة) وفي حسن زرارة أو صحيحه (3) عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث (قلت له: أصلي خلف الأعمى قال: نعم إذا كان له من يسدده وكان أفضلهم) إلى غير ذلك.
لكن قد يناقش فيها بانقطاع الأصل بباب المقدمة، ومنع العسر، وإطلاق خبر العدل لا يخص الأعمى ولا يشمل رجوعه للمخبر عن اجتهاد الذي هو بعض الدعوى، بل لعل التعبير بالتقليد من بعضهم يختص بالثاني، وبظهور كون المراد منها توجيهه إلى القبلة المعلومة بأماراتها، ولعله يحصل له القطع ولو بخبر الواحد المحفوف بالقرائن، وبأنها مساقة لبيان أن ذلك لا ينقصه عن مرتبة الإمامة، لا لبيان أن حكمه في القبلة التقليد، كما هو واضح بأدنى تأمل.
فالأولى الاستدلال عليه حينئذ بصحيح زرارة (4) وموثق سماعة (5) السابقين، وكأنه يومي إليه الاستدلال من بعضهم بأن خبر العدل من الأمارات المفيدة للظن، ضرورة ابتنائه على الاجتزاء بمطلق الظن له، وحينئذ يكون فرضه الاجتهاد وإن قلت إمارات الاجتهاد بالنسبة إليه، بل هي منحصرة غالبا في الرجوع للغير، ولعل المراد بالتقليد في بعض العبارات خصوص هذا القسم من الاجتهاد، لا أنه مرتبة ثالثة، وربما كان ترك ذكر الأعمى في العبارات المزبورة لادراجه فيمن يعمل بالظن بعد فقد العلم من غير فرق بين الأعمى وغيره، وإن اختلفوا بالنسبة إلى تعدد الأمارات وعدمها