لما سأل عن اختلاف الرواية في تحديد الظهر والعصر وأنه جاء من هذا القبيل مرة، ومن هذا القبيل مرة أخرى ففي أي وقت يكون هذا؟ وكيف يمكن أن يكون هذا في وقت يتفق فيه كون الظل الباقي نصف قدم؟ وامتداده إلى القامة والقامتين يفضي إلى توسعة كثيرة في الوقت، أو أن المراد (من هذا) بالفتح على معنى (ما) كما اعترف المجلسي بكثرة استعمالها في ذلك، أو على معنى من صاحب الحكم الأول ومن صاحب الحكم الثاني؟ وكيف كان فأجابه (عليه السلام) بأن المراد ظل القامة لإقامة الظل؟
أي أطلق القامة في الخبر المسؤول عنه وأريد منها الباقي من ظلها عند الزوال مجازا، سواء كان ذراعا أو أقل أو أكثر، والتحديد حينئذ إنما هو بصيرورة الفئ الزائد مثل الظل الباقي المعبر عنه بالقامة، وحاصل المعنى أنه إذا كانت الشمس مقدار القامة فصل الظهر، ومقدار القامتين فصل العصر، واختلاف الأخبار حينئذ بالذراع والذراعين والقدم والقدمين إنما هو لاختلاف ذلك الباقي من الظل المعبر عنه بالقامة، فتارة يكون قدما، وتارة يكون ذراعا، وتارة يكون أزيد، وتارة يكون أقل، ولذا اختلفت الأخبار في هذا التقدير، فهي في الحقيقة تفصيل لذلك المجمل - يدفعها - مع أنه خلاف المنساق من مرجع الضمير، خصوصا مع قرب لفظ الشئ إليه، ووضوح المعنى على تقديره من غير حاجة إلى تقدير بخلافه على الأول - ضرورة توقف صحة المعنى على إرادة صيرورة ظل كل شئ الحادث مثل الظل الباقي عند الزوال، مع أنه قد لا يبقى ظل أصلا، ومرسلة يونس - مع ارسالها واجمالها بل اشكالها من حيث إنه ليس في الخبر ذكر الظل أصلا لا بإضافته إلى القامة ولا بالعكس، فقوله: (إنما قال ظل القامة) إلى آخره. غير منطبق، ومن أنه لم يتضح وجه تعجب السائل من كون الظل في بعض الأوقات نصف قدم هو ما سمعته، أو لأن التقدير بصيرورة الفئ مثل الظل يقتضي قصرا فاحشا في الوقت، أو لما قيل من أن ذلك يقتضي الاختلاف في وقت الفضيلة،