التحديد بالقدم فأكثر ما جاء في الحديث فإنما جاء بالقدمين والأربعة، وهو مساو للتحديد بالذراع والذراعين، وما جاء نادرا بالقدم والقدمين فإنما أريد بذلك تخفيف النافلة وتعجيل الفريضة طلبا لفضل أول الوقت فالأول، ولعله (عليه السلام) لم يتعرض للقدم عند تفصيل الجواب لما استشعر من السائل عدم اهتمامه بذلك، وأنه إنما كان أكثر اهتمامه بتفسير القامة وطلب العلة في تأخير أول الوقت إلى ذلك المقدار، وحينئذ لا يكون في الخبر غبار ولا اجمال ولا شئ مما يرد على تفسير الشيخ له وإن رده غير واحد من الأصحاب لذلك، نعم يصير جزئيا مختصا بزمان خاص ومخاطب مخصوص، ولا بأس بذلك.
فإن قيل: اختلاف وقتي النافلة في الطول والقصر بحسب الأزمنة والبلاد وتفاوت حد أول وقتي الفريضتين التابع لذلك لازم على أي التقادير، لما هو معلوم من سرعة تزايد الفئ تارة، وبطئه أخرى، فالذراع حيث يكون الباقي من الظل قليلا غيره إذا كان كثيرا، قلنا: نعم ذلك كذلك ولا بأس به، لأنه تابع لطول اليوم وقصره كسائر الأوقات في الأيام والليالي، كما أنه لا يكون هذا الخبر حينئذ منافيا للمختار بوجه من الوجوه، ضرورة كونه حينئذ كأخبار الذراع ونحوه مما هو وارد في تحديد أول الوقت الأول لا آخره كي ينافي المثل والمثلين كما ستعرفه مفصلا.
وكيف كان فابتداء التقدير إنما هو من أول الفئ الحادث لا منه ومن الظل الباقي، بل لم يقل أحد بذلك، بل عن الخلاف نفي الخلاف في ذلك، نعم ربما ذكره بعضهم احتمالا معترفا بعدم القائل به في قولهم: (يصير ظل كل شئ مثله) وفيه أنه يلزم عليه الاضطراب والاختلاف المترتبان على قول الشيخ أيضا كما هو واضح، بل قد يدفع بعض الاختلاف المترتب على كلام الشيخ بأن قصر الظل في بعض الأماكن