ولكن في كون المراد من الخبائث في الآية مطلق ذلك نظرا، إذ لا دليل عليه من شرع أو لغة بل ولا عرف، ألا ترى تنفر الطباع عن ممضوغ الغير، وما خرج من بين أسنانه، مع أن حرمته غير معلومة.
ولذا قال المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد: معنى الخبيث غير ظاهر، إذ الشرع ما بينه، واللغة غير مراد، والعرف غير منضبط، فيمكن أن يقال: المراد عرف أوساط الناس وأكثرهم - حال الاختيار - من أهل المدن والدور، لا أهل البادية، لأنه لا خبيث عندهم، بل يطيبون جميع ما يمكن أكله، فلا اعتداد بهم (1). انتهى.
أقول: إن ما ذكره -، - من إمكان الإحالة إلى عرف أوساط الناس وأكثرهم: إن أراد إحالة التنفر والاشمئزاز إلى عرفهم، فهو إنما يتم لو علم أنه معنى الخباثة، وهو بعد غير معلوم.
وإن أراد إحالة الخباثة، فلا عرف لها عند غير العرب، لأنها ليست من لغتهم، ولا يتعين مرادفها في لغتهم.
هذا، مع أن طباع أكثر أهل المدن العظيمة أيضا مختلفة جدا في التنفر وعدمه، كما لا يخفى على من اطلع على أحوال سكان بلاد الهند والترك والإفرنج والعجم والعرب في مطاعمهم ومشاربهم.
ولذا خص بعض آخر بعرف بلاد العرب، وهو أيضا غير مفيد، لأن عرفهم في هذا الزمان غير معلوم للأكثر - مع أنه لو كان مخالفا للغة لم يصلح مرجعا - وكذا عرفهم في زمان الشارع.
وبالجملة: لا يتحصل لنا اليوم من الخبائث معنى منضبطا يرجع إليه،