ويمكن أن يقال: إنه قال الصادق (عليه السلام) لحماد بن عيسى في الصحيح المشهور:
" ما أقبح بالرجل منكم يأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة (1) " وكان الصادق (عليه السلام) قبض في سنة ثمان وأربعين ومائة (2) كما مر، فلو فرضنا أن هذا المقال كان في آخر عمر الصادق (عليه السلام)، وفرضنا كون عمر حماد حين ذلك المقال ستين سنة، يلزم أن يكون حماد أدرك ستة وعشرين من زمان الباقر (عليه السلام) فلا بأس برواية حماد عن الباقر (عليه السلام).
لكنه يندفع: بأنه لو كان الأمر على ذلك، لكثر رواية حماد عن الباقر (عليه السلام) بلا كلام.
إلا أن يقال: إن حماد بن عيسى كان محتاطا في الرواية؛ ولذا قد اقتصر فيما سمعه عن الصادق (عليه السلام) - وهو سبعون حديثا - على عشرين حديثا. قال الشيخ في الرجال نقلا: " قال - أي حماد بن عيسى -: سمعت عن أبي عبد الله (عليه السلام) سبعين حديثا، فلم أزل أدخل الشك في نفسي حتى اقتصرت على هذه العشرين " (3).
لكنه يندفع بأن اقتصار حماد على عشرين حديثا إنما هو في الرواية عن الصادق (عليه السلام)؛ لخصوص ما تطرق له من الشك فيما سمعه عن الصادق (عليه السلام)، ولذا لم يتأت منه التعديد في روايته عن الكاظم والرضا (عليهما السلام).
ومع ذلك نقول: إنه على ما ذكر يلزم أن يكون عمر حماد مائة وإحدى وعشرين سنة، وهذا - بعد شدة بعده - ينافي ما ذكره الكشي من أن حمادا عاش نيفا وتسعين، فالظاهر أن قوله (عليه السلام): " ستون أو سبعون سنة " من باب المثال، لا خصوص حماد، كيف ولو كان الغرض خصوص حماد، كان ينبغي تعيين أحد