ونظيره الحركة منهم فيما لم يعنون سابقا في المسائل الأصولية، مثل حجية الظن، وحكومة أصل البراءة وقاعدة الاشتغال في باب الشك في المكلف به؛ حيث إن بعضهم تارة يتمسك بالظن، وأخرى ينكر حجيته؛ وبعضهم تارة يبني على أصل البراءة، وأخرى يبني على قاعدة الاشتغال؛ وربما استدل على حجية البينة بآية المداينة (1)، وقيد إطلاقها بالتقييد بالعدالة في آية الطلاق (2)؛ ولذا بنى على لزوم العدالة في الشهادة مطلقا.
ولعل هذه الحركات من المشهور مع اختصاص الإطلاق بالمداينة والتقييد بالطلاق.
ودعوى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المورد مردودة باختصاص هذا المقال بما لو كان الخصوص خارجا عن كلام المتكلم باختصاص شأن النزول أو وقوع الواقعة أو سؤال السائل، ولا مجال له في صورة اختصاص نفس الكلام كما في الآيتين، وإلا لصح القول فيما لو قيل: " إن جاءك زيد فأكرم عمرا " بعموم وجوب إكرام عمرو لصورة عدم مجيء زيد؛ اعتبارا بعموم اللفظ دون خصوص المورد، وفساده ظاهر. وقد حررنا الكلام في المقام في الأصول.
ومع ذلك نقول: إن طائفة مما ذكره من الاضطراب من باب تجدد الرأي، وهو غير عزيز.
وأما ما ذكره من عدم وجدان توثيق علي بن أبي حمزة البطائني من أحد من الأصحاب، ففيه: أن مقتضى ما حكي عن ابن الغضائري من أنه قال في ترجمة ابنه الحسن: " إن أباه أوثق منه " (3) هو وثاقته.