بالخارج أصلا كما إذا تعلق العلم بكذب أحد الدليلين لامتناع اجتماع الضدين، فإنه لا يعلم سوى كذب أحدهما لا أكثر بلا إضافة أي شئ لهذا العنوان مما يوجب ربطه بأحد الطرفين واقعا، وهذا العنوان وحده - وهو عنوان أحدهما - لا يرتبط بواحد منهما على التعيين في الواقع، بل نسبته إلى كل من الطرفين على حد سواء، ولأجل ذلك لو علم تفصيلا بكذب أحدهما لا يستطيع أن يقول: ان هذا هو معلومي بالاجمال.
وأثر هذه الصورة قد يختلف عن أثر الصورتين الأولتين اللتين يجمعهما وجود واقع معين للمعلوم بالاجمال يرتبط به ويحمل عليه.
وبالجملة: المعلوم بالاجمال في الصورة الثالثة لا يمكن تعلق العلم التفصيلي به وتميزه، لان المعلوم بالاجمال، وهو مجرد عنوان أحدهما، لا واقع له معين كي يقبل العلم التفصيلي. بخلافه في الصورتين الاخرتين، فإنه قابل لتعلق العلم التفصيلي، لأنه مما له واقع معين قابل لان ينكشف بالتفصيل، لأنه أمر زائد على عنوان أحدهما كما لا يخفى، إذ هو أحدهما الخاص كأحدهما الذي وقعت فيه قطرة البول، ونحوه.
ولعله هو مراد العراقي فيما تقدم حكايته عنه من انطباق المعلوم بالاجمال على المعلوم بالتفصيل بتمامه. فيريد مجرد صحة حمل المعلوم بالاجمال على المعلوم بالتفصيل، لا أنه ينطبق عليه بخصوصياته، كي يلزم الكل في قبال الكلي، فإنه لا يحمل على الفرد على أنه عينه، بل بما أنه فرده. فالتفت.
ولا يخفى عليك ان الغالب في صور العلم الاجمالي هو تعلقه بالجامع مع ارتباطه بالخارج ومساسه به. ويمكن ارجاع الصورة الأولى إلى الصورة الثانية بالدقة والتأمل. فيكون للعلم الاجمالي صورتان يجمعهما تعلقه بالجامع، لكنه في إحداهما مما له ارتباط بواقع خارجي معين، وفي الأخرى لا ارتباط له بالخارج أصلا. والغالب هو الصورة الأولى.