والعمدة في الايراد عليه أن يقال: ان المعتبر في العبادة أمران: أحدهما الإطاعة والاخر الاتيان بها بنحو عبادي من طريق قصد الإطاعة. وكلاهما متحقق في مورد الاحتمال، وذلك بالاتيان بالعمل بداعي الموافقة على تقدير تعلق الامر به.
وتوضيح ذلك: ان كلا من العملين المحتمل تعلق الامر به في مورد العلم الاجمالي يترتب عليه عنوان الموافقة على تقدير، لان هذا المعنى - أعني: الموافقة على تقدير الامر - ذو ثبوت حقيقي واقعي، نظير الحكم التعليقي الثابت على تقدير المعلق عليه، كالحرمة المعلقة على الغليان، فإنها حكم على تقدير ولها نحو ثبوت، ولذا تكون مجرى الاستصحاب وغيره من الآثار.
ويمكن ان نعبر عن ذلك بالملازمة بين المعلق والمعلق عليه. فالفعل الذي يحتمل تعلق الامر به يترتب على اتيانه - والموافقة على تقدير الامر -. وبتعبير آخر: الملازمة بين الموافقة والامر. وهذا مما لا تحقق له قبل العمل، إذ بدون العمل لا يترتب هذا المعنى، فلا يحكم بتحقق الموافقة على تقدير الامر.
وإذا فرض ترتب هذا العنوان عليه صح الاتيان به بداعي حصول هذا العنوان، وترتبه عليه متيقن لا شك فيه. وانما المشكوك هو الموافقة الواقعية الخارجية التنجيزية، وهي غير مقصودة بنحو الداعي، بل الداعي هو الموافقة التقديرية، والاتيان بالعمل بداعي الموافقة على تقدير الامر موجب للتقرب والعبادية، فإذا صادف الفعل الواقع وكان متعلقا للامر واقعا، تحققت الإطاعة والموافقة الواقعية. فيتحقق كلام الامرين المعتبرين في العبادة، فلا اخلال بقصد الإطاعة المعتبر في العبادة بهذا البيان.
وبهذا البيان يندفع ما تقدم منا في مباحث القطع في مقام المنع عن الامتثال الاحتمالي المقتضي للتكرار من: ان كلا من العملين بما أنه لا يعلم بتعلق الامر به، فالجمع بينهما لا بد ان ينشأ من داعيين أحدهما موافقة الامر والاخر داع