بالذي تستطيعه " فإذا استطاع على الكل وجب عليه الكل. إذن فقوله: " إذا امرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم "، يمكن ان يعم حالتي التعذر وعدمه، فيمكن ان يعم الكلي وهو مورد الرواية، وانه يلزم الاتيان به، ويعم المركب الذي تعذر بعض أجزائه مع التحفظ على ظهور " من " في التبعيض.
وبالجملة: يكون قوله المزبور كناية عن أن الامر بالمركبات بنحو تعدد المطلوب. إذن فهذه الجملة قابلة لدلالة على المدعى مع عدم منافاتها لمورد الرواية.
يبقى شئ وهو: ان هذا الجواب بهذا المقدار لا يرتبط بالسؤال عن وجوب التكرار في الحج وعدمه، إذ وجوب الاتيان بالمأمور به معلوم لدى السائل، ولزوم الاتيان ببعض اجزائه مع تعذر غيرها لم يقع موردا للسؤال.
فنقول: ان الجواب مرتبط بالسؤال بلحاظ إفادته الحصر الدال على نفي التكرار، فان النبي (ص) بعدما وبخ السائل على تطفله والحاحه وطلب منه الانصراف عن كثرة السؤال، ذكر له انه عند الامر بشئ يلزم الاتيان به خاصة وبهذا المقدار ولا يلزم شئ آخر.
وهذه الجهة - أعني: جهة الحصر - لا بد من ملاحظتها على أي تقدير، سواءا أريد من: " من " التبعيض كما قربناه، أم كونها بمعنى الباء أو غير ذلك، إذ لو كانت بمعنى الباء كان معنى قوله: " إذا أمرتكم... " هو انه يجب الاتيان بالشئ المأمور به عند الاستطاعة، وهذا ليس محل سؤال بل مما لا يجهله السائل، فلا يرتبط الجواب بالسؤال، إلا بتضمين الجواب جهة الحصر. نعم لو احتمل كونه في مقام لزوم التكرار بمقدار الاستطاعة لم نحتج إلى الحصر، إذ الجواب يرتبط بالسؤال بوضوح. ولكن عرفت أنه لا مجال لتوهم إرادة ذلك، بل الجواب اما يتكفل الامر بالشئ حال الاستطاعة لو أريد من لفظ: " من " معنى الباء أو يتكفل ما ذكرناه لو أريد من لفظ: " من " التبعيض. وعلى اي تقدير لا