متعلقي الخطابين المترتب أحدهما على ترك متعلق الآخر لم يقعا على صفة المطلوبية، فإنه يكشف عن أن المطلوب ليس الجمع بين الضدين والا لوقع كل من الفعلين على صفة المطلوبية. مثال ذلك: إذا أوجب الكون في المسجد وأوجب قراءة القرآن عند ترك الكون في المسجد، فإنه إذا دخل المسجد وقرا القران لا تقع القراءة على صفة المطلوبية، فإنه يكشف ان نفس الترتب يمنع من تحقق طلب الجمع بين الضدين المحال (1).
أقول: ان هذا الامر كسابقة ليس من مقدمات تصحيح الترتب، وانما هو وجه مستقل تام اجمالي لتصحيح الترتب، لأنه يتكفل بيان ارتفاع محذور طلب الضدين بالترتب، وهذا مصحح له بنفسه من دون احتياج إلى ضم مقدمات أخرى.
هذا مع أن كلامه في نفسه لا يخلو عن مناقشة، فان ما ذكره من أن المحذور في تعلق الامر بكل من الضدين هو كونه طلبا للجمع بين الضدين، وهذا المحذور يرتفع بالترتب. ليس بوجيه، بيان ذلك: انه سيأتي ان شاء الله تعالى في مبحث المطلق والمقيد البحث في أن الاطلاق هل هو عبارة عن الجمع بين القيود أو هو عبارة عن رفض القيد؟، فهل اطلاق: " العالم " في دليل: " أكرم العالم " معناه دخالة كل ما يتصور قيديته للطبيعة في الحكم، فالعدالة دخيلة والفسق دخيل والبياض دخيل والسواد كذلك وهكذا، أو معناه عدم دخالة أي قيد من القيود، ولم يؤخذ في الموضوع سوى ذات الطبيعة؟. والذي يقتضيه النظر هو الثاني، وعليه فاطلاق الامر بكل من الضدين يرجع إلى الامر بالضد سواء وجد الضد الآخر أو لم يوجد، فالمطلوب ليس إلا نفس الضد دون الجمع بينهما.
نعم، لو كان الاطلاق معناه الجمع بين القيود، كان مقتضى اطلاق الامر