ومنها: الحكم بوجوب حفظ الاستطاعة في أشهر الحج، مع أنها مقدمة وجوبية، بل أفتى البعض بلزوم حفظها مطلقا ولو قبل أشهر الحج، فلا يجوز صرف المال مثلا في غير الحج، وهكذا الحكم بلزوم تحصيل المقدمات الوجودية قبل وقت الحج، كالسير مع الرفقة ونحوه.
ومنها: الحكم بلزوم التعلم على الصبي قبل بلوغه إذا علم بفوت الواجب بعد البلوغ لو تركه.
وجهة الاستشكال في هذه الموارد ونظائرها هي: ان الوجوب المقدمي حيث إنه وجوب تبعي مترشح عن الوجوب النفسي، فإذا فرض تأخر فعلية الوجوب النفسي لتأخر زمان الواجب، فبأي ملاك تجب المقدمات قبل ذلك مع عدم فعلية الوجوب؟. خصوصا في مثل المقدمات الوجوبية كالاستطاعة.
وبتقريب آخر نقول: ان هذه المقدمات لا بد وان لا تكون واجبة أبدا، لأنه في حال تمكن منها قبل زمان ذيها لا تجب لعدم فعلية الوجوب النفسي، وبعد زمان ذيها لا يتمكن عليها، فيسقط الوجوب النفسي لعدم القدرة على الواجب.
فباي وجه تصحح الفتوى ويوجه التسالم على وجوب المقدمات في الموارد المذكورة؟.
وقد أطلق على هذا النحو من المقدمات ب: " المقدمات المفوتة " بلحاظ فوات الواجب بتركها.
وقد تصدى صاحب الكفاية (قدس سره) إلى تصحيح الفتوى بالوجوب قبل الوقت بوجوه ثلاثة:
الوجه الأول: الالتزام بالواجب المعلق في هذه الموارد، فيكون الوجوب فعليا قبل وقت الواجب، ويكون الواجب استقباليا.
وعليه، فيصح الحكم بوجوب المقدمة المفوتة قبل الوقت لفعلية الوجوب النفسي الذي هو المناط في الترشح ووجوب المقدمة وان تأخر زمان الواجب.