معا، لعدم امكان الالتزام بهما معا من دون الترتب، فيتعين الالتزام به بمجرد تصور امكانه، إذ لا وجه لطرح أحد الحكمين مع تصور الوجه المعقول لثبوته وقيام الدليل على ثبوته.
وبعبارة أخرى: ان دليل الامر بالمهم يتكفل ثبوته مطلقا، وبما أنه ثبت استحالة ثبوته مع فعلية الأهم يرفع اليد عن الدليل في خصوص ذلك الفرض للقطع بخلافه، فيبقى الدليل متكفلا للامر بالمهم في غير ذلك الفرض، إذ لا وجه يقتضي رفع اليد عنه مع حجيته في نفسه. فلا يحتاج الترتب إلى دليل، بل هو عملية تجري على الدليل الثابت خارجا، ويتعين اجراؤها حيث لا يتصور غيرها مع المحافظة على نفس الدليل.
التنبيه الثاني: ان الواجبين المتزاحمين يتصوران على انحاء ثلاثة:
الأول: أن يكون كل منهما مضيقا، كالإزالة والصلاة في آخر وقتها.
الثاني: أن يكون كل منهما موسعا، كصلاة اليومية وصلاة الآيات.
الثالث: أن يكون أحدهما موسعا والآخر مضيقا، كصلاة الظهر وإزالة النجاسة عن المسجد. ولا اشكال في دخول الصورة الأولى في مبحث الترتب، فإنها محط نظر الأصحاب.
كما لا اشكال في خروج الصورة الثانية عنه، لما سيأتي ان شاء الله تعالى من بيان خروج هذا النحو عن كبرى التزاحم.
وانما الكلام في الصورة الثالثة:
فقد ذهب المحقق النائيني (رحمه الله) إلى جريان الترتب فيها ودخولها في مبحثه (1). ووجه هذا الحكم السيد الخوئي (حفظه الله) - كما في المحاضرات - بأنه مبني على التزامه بان التقابل بين الاطلاق والتقييد من تقابل العدم والملكة،