من جهة اجزاء المقطوع به عن الواقع، بل من باب عدم امكان تدارك مصلحة الواقع الباقية، ولكن هذا اثباتا يحتاج إلى دليل خاص، وقد ثبت في بعض الموارد كما إذا صلى جهرا في مورد الاخفات وبالعكس، وكما إذا صلى تماما في السفر مع الجهل بكون الوظيفة غير ما أتى به، فان الدليل دل على الاكتفاء بالعمل وعدم لزوم الإعادة مع معاقبته على تقصيره في السؤال والتعلم، مما يكشف عن عدم كون ما أتى به متعلقا للحكم، وانما هو محصل لبعض المصلحة بحيث لا يمكن تدارك الباقي، ولذا لا تجب الإعادة ولكن يعاقب على ذلك باعتبار انه فوت على نفسه مصلحة الواقع الملزمة.
التنبيه الثاني: - وقد ذكره في الكفاية أيضا (1) - وموضوعه، بيان عدم الملازمة بين الاجزاء والتصويب، فإنه قد يتوهم ملازمة القول بالاجزاء للتصويب، لان مرجع الاجزاء إلى كون الواقع هو مؤدى الامارة الذي هو التصويب. وانه كان من الجدير بالذكر ان يذكر هذا الامر وجها لابطال الاجزاء، فيقال: ان الاجزاء ملازم للتصويب، وهو - أي التصويب - باطل بالاجماع، فكذلك ما هو لازم وهو الاجزاء.
والذي ادعاه في الكفاية نفي ملازمة القول بالاجزاء القول بالاجزاء للتصويب، بل عدم معقوليته، لاستلزامه لزوم عدم الشئ من وجوده.
وبيان ذلك: ان الحكم له في نظر صاحب الكفاية مراتب أربع، مرتبة الاقتضاء ومرتبة الانشاء ومرتبة الفعلية ومرتبة التنجيز - وشرح المراد من كل منها ليس محله ههنا، وانما المقصود هنا الإشارة إليها -، والذي يرتبط بمحل الكلام فعلا من هذه المراتب هو مرتبة الفعلية والانشاء دون مرتبي الاقتضاء والتنجز، ثم إن الذي ذهب إليه صاحب الكفاية في الجمع بين الأحكام الظاهرية