ومعتبر بخصوص نوع معين - وهو التمكن من الزاد والراحلة - في الأخرى.
وعليه نقول: اما ان يؤخذ التمكن بالمعنى العقلي، فالموضوع في كلا الفرضين ثابت. واما ان يؤخذ بالمعنى العرفي فهو في كليهما غير ثابت، إذ مع وجوب أداء الدين لا تمكن عرفا من الزاد والراحلة. ثم لنا سؤال الفرق بين مثال الحج لو كان موضوع وجوبه التمكن على أداء الفريضة، ومثال الوضوء المأخوذ في موضوعه وجدان الماء، حيث التزم بعدم جريان الترتب في الأول وجريانه في الثاني، مع أن نسبة الامر الآخر إلى موضوع كل منهما على حد سواء في كلا الموردين، فإن كان الامر بوجوده رافعا للموضوع لزم انكار الترتب في مسالة الوضوء، وان كان بداعويته رافعا للموضوع لزم اثبات الترتب في مسالة الحج.
فالتفت ولا تغفل.
التنبيه الرابع: لا يخفى ان الترتب انما يجري فيما إذا تعلق الأمران بالضدين اللذين لهما ثالث، كالصلاة وإزالة النجاسة وكانقاذ غريقين. اما إذا تعلق الأمران بالضدين اللذين لا ثالث لهما كالحركة والسكون، فلا يتأتى الترتب بينهما، لان ترك أو عصيان أحدهما يتحقق بفعل الآخر فلا معنى لتعلق الامر به في ذلك الحال.
وهذا الامر كبرويا واضح لا غبار عليه ولا شبهة فيه. وانما الاشكال في بعض الموارد التي وقع الخلاف في أنها من صغريات ذلك أو لا؟ وذلك كمسألة ما إذا أخفت في موضوع الجهر وجهر في موضع الاخفات، فإنه قد ورد بان ذلك إذا كان عن جهل تقصيري كان عاصيا وصحت صلاته (1)، فوقع الكلام في الجمع بين ثبوت العصيان وتعلق الامر بما أتى به من الصلاة، ويحقق الكلام في ذلك في مسالة البراءة والاشتغال.