مقام الامتثال، فذكر: ان التضاد بين الحرمة والوجوب من جهة ان الحرمة تقتضي زجر المكلف عن العمل وردعه، والوجوب يقتضي بعثه ومحركيته نحو العمل، والزجر والبعث لا يجتمعان، فهما إذن ضدان من جهة مقام الامتثال المعبر عنه بحيثية المنتهى.
وقد ذهب إلى ذلك المحقق الأصفهاني وهو المتفرد بذلك من الأصوليين (1).
وعليه، فليس محذور اجتماع الأمر والنهي في كل من الضدين سوى تزاحمهما في مقام الداعوية والمحركية، إلا أن الترتب لا يرفع هذا التزاحم لامتناعه، لان ترك أو عصيان أحد الامرين مساوق للاتيان بمتعلق الحكم الآخر، فعصيان الحرمة مساوق لنفس الفعل كما أن عصيان الوجوب مساوق للترك. فيمتنع الترتب حينئذ لاستلزامه طلب الحاصل.
فكان ينبغي على المحقق الأصفهاني ان يذكر: ان الترتب لا يجري في مثل هذا التزاحم، وهو التزاحم في فعل واحد بملاك عدم جريانه في مورد التزاحم في الضدين اللذين لا ثالث لهما، لا ان الترتب انما يرفع محذور التزاحم دون غيره. فلاحظ وانتبه.
التنبيه السادس: إذا كان أحد المتزاحمين أسبق زمانا من الاخر، كما إذا فرض عدم قدرة المكلف الا على قيام واحد يصرفه في صلاة الظهر أو صلاة العصر، فيتزاحم وجوب القيام في كل منهما مع وجوبه في الأخرى.
وقد مثل المحقق النائيني (قدس سره) لذلك بمثال آخر، وهو: فرض عدم قدرة المكلف الا على القيام في الركعة الأولى أو الثانية (2).