واما بالنسبة إلى الامر الاضطراري بمركب آخر غير المركب المأمور به في حال الاختيار، فلا يتكفل هذا التقريب بيان إجزاء الاتيان بالمأمور به عنه، فلو فرض وجود مثل ذلك في الشرع لم يصح تطبيق هذا التقريب عليه، واستنتاج إجزاء المأتي به الاضطراري عن الامر الواقعي.
فان أساس ثبوت الاجزاء - على التقريب الذي ذكرناه - هو ارجاع الفعل الاضطراري إلى كونه فردا للمأمور به الواقعي في عرض الفرد الاختياري، فيكون مسقطا للامر بلا كلام، لاجزاء الاتيان بالمأمور به عن أمره.
وهذا المعنى لا يتأتى فيما إذا تعدد الامر كما لا يخفى. هذا كله بالنسبة إلى الاجزاء من حيث الإعادة.
واما الاجزاء من حيث القضاء الذي عرفت أن محل الكلام فيه ما إذا اخذ الاضطرار تمام الوقت موضوعا للامر الاضطراري، إذ لا يتصور في المقام الاجزاء من حيث الإعادة، لان ارتفاع العذر في الأثناء يكشف عن عدم ثبوت الامر الاضطراري.
ثم لا يخفى ان الكلام في الاجزاء من حيث القضاء إنما يقع في ما إذا كان مقتضى القاعدة الأولية ثبوت القضاء، لقيام الدليل عليه. فيتكلم في أن الفعل الاضطراري يكفي عن القضاء أو لا يكفي، إذ لو لم يثبت القضاء بدليل في نفسه لا معنى للبحث في إجزاء الفعل الاضطراري عنه وكفايته، لعدم ثبوته. والبحث في الاجزاء والكفاية يقتضي ثبوت كلا الطرفين المجزي والمجزي عنه والكافي والمكفي.
وطريق معرفة ثبوت القضاء بقول مطلق في جميع الواجبات عند عدم الاتيان بما هو المأمور به الواقعي في الوقت. أحد وجوه:
الأول: أن يكون هناك اطلاق يقتضي وجوب الفعل مطلقا في الوقت وخارجه إلى آخر العمر، ثم يأتي دليل منفصل يدل على التوقيت بوقت معين،