عن قصد تحقق النسبة - لا الحكاية عن ثبوتها - فتحقق النسبة خارج عن مدلول الهيئة كنفس القصد. وإذا اتضح ذلك يتضح اندفاع الاشكال، فان مفاد الجملة الشرطية ليس تعليق احدى النسبتين على الأخرى وتقييدها بها، كي يدعى أن ذلك يستلزم تقييد المعنى الحرفي وهو ممتنع. وانما مفادها تعليق ثبوت إحدى النسبتين على ثبوت هذه النسبة على ثبوت الأخرى، فالجملة الشرطية الاخبارية تتكفل الاخبار بترتب ثبوت هذه النسبة على ثبوت تلك. وقد عرفت أن ثبوت النسبة خارج عن مدلول الهيئة فلا يكون من المعاني الحرفية وانما هو معنى اسمي قابل للتقييد. وهكذا الحال في الجملة الانشائية فإنها تتكفل تعليق تحقق الجزاء على ثبوت الشرط. وقد عرفت أن التحقق خارج عن مدلول الهيئة وهو من المعاني الاسمية القابلة للتقييد والتعليق، فما هو المعلق على ثبوت الشرط غير المعنى الحرفي، بل أمر خارج عن مدلول الكلام الحرفي، وبذلك نجمع بين امتناع تقييد المعاني الحرفية وبداهة كون الربط في الجملة الشرطية بين المفاهيم التركيبية.
ومن هنا يظهر امكان الواجب المشروط وعدم استحالته عقلا كما ادعاه الشيخ في الوجه الأول، لان القيد لا يطرء على مدلول الهيئة وانما يطرء على ما هو خارج عن مدلولها - أعني ثبوت النسبة -، فالمقيد ليس نفس النسبة الطلبية المدلولة للهيئة، وانما هو ثبوت النسبة، وهو معنى اسمي قابل للتقييد، ونتيجة ذلك عدم تحقق الوجوب إلا عند تحقق الشرط. فالتفت.
وبما ذكرناه يتضح انه يمكن التفصي عن الاشكال المزبور بما افاده السيد الخوئي من: ان مدلول الهيئة الانشائية ابراز الاعتبار النفساني. ببيان:
انه وان كان الاعتبار فعليا لكن المعتبر هو ثبوت الفعل في الذمة، فالمقيد هو الثبوت الخارج عن مدلول الهيئة وهو من المعاني الاسمية كما تقدم. فالتفت.
ثم إنه حفظه الله تعرض إلى ذكر بعض الاشكالات الواردة على الواجب المشروط والإجابة عنها.