وعلى أي حال، فهذه الوجوه غير مجدية في اثبات لزوم قصد التوصل بعد أن عرفت أن طريق العبادية ينحصر بالالزام بتعلق الامر النفسي بها، ومعه لا يلزم قصد التوصل، بل يكفي الاتيان بها بما انها محبوبة في أنفسها.
الجهة الثانية: في أنه بعد الفراغ عن تعلق الامر الاستحبابي النفسي بالطهارات، فالاتيان بها بداعي الاستحباب قبل دخول وقت الصلاة الواجبة مما لا اشكال الغيري بها.
وقد ذكر المحقق النائيني: ان ذلك لا محذور فيه ويقع العمل صحيحا، بتقريب: ان الامر النفسي الاستحبابي وان اندك في الامر النفسي الضمني المتعلق بها - بناء على ما ذهب إليه من أن الشرائط كالاجزاء تكون متعلقة للامر الضمني النفسي -، الا ان المنعدم هو حد المرتبة الاستحبابية دون واقع الطلب والاستحباب، فواقعه على ما هو عليه وإن لم يبق بحده نظير اتصال خيطين أحدهما بالآخر، فان واقع كل منهما موجود على حاله وانما المنعدم حد وجود كل منهما، وعليه فيمكن الاتيان بالعمل بقصد المحبوبية بواقعها لا بحدها.
ثم أفاد: ان الاندكاك انما يتحقق بين الاستحباب والوجوب الضمني، اما الوجوب الغيري فهو على حاله لا يتغير.
وأوضح ذلك ببيان: ان الوضوء ونحوه له بعد دخول وقت الواجب المشروط به جهات ثلاث:
الأولى: تعلق الطلب الاستحبابي النفسي به.
الثانية: تعلق الطلب الوجوبي النفسي الضمني به.
الثالثة: تعلق الطلب الغيري الوجوبي به.
ولا يخفى ان الاستحباب يندك في الوجوب الضمني، فينشأ منهما حكم واحد، واما الطلب الغيري فهو يبقى بحده لا يبتدل، وذلك لان الاندكاك