نحويه قابل لجريانها، وما هو مجرى البراءة وهو خصوص الوجوب النفسي مشكوك وليس بمعلوم، فالمقتضي للبراءة فيه ثابت، فيعارض البراءة من وجوب التقيد. فالوجه في عدم جريان البراءة هو: عدم قابلية الوجوب الغيري لجريان البراءة فيه.
ولأجل ذلك لا يتجه من السيد الخوئي انكار الانحلال، ودعوى لزوم الاحتياط، لان كلامه صريح في جريان البراءة في الوجوب الغيري، ومعه تتجه دعوى الانحلال، لان وجوب الوضوء معلوم وغير قابل لجريان البراءة، فتكون البراءة من وجوب التقيد بلا معارض. الا ان يشكل العلم الاجمالي بوجوب الوضوء نفسيا أو وجوب التقيد نفسيا، فان البراءة في كل منهما معارضة للآخر، لكنه خلاف ظاهر كلامه في تعليقته وتقريرات بحثه كما أشرنا إليه. فتدبر.
الصورة الثانية: ان يعلم بوجوب شئ فعلا مردد بين كونه نفسيا أو غيريا، مع العلم بأنه لو كان غيريا كان وجوب ذي المقدمة فعليا، لكن لم يصل الينا، نظير ما لو علم بأنه نذر اما الاتيان بالوضوء أو الصلاة، بحيث لو كان هو الوضوء كان وجوبه نفسيا، وان كان هو الصلاة كان وجوب الوضوء غيريا، فهو يعلم اما بوجوب الوضوء بخصوصه أو بوجوبه مع الصلاة.
وقد اختار المحقق النائيني لزوم الاتيان بالوضوء للعلم بترتب العقاب على تركه، اما لاجل تركه نفسه أو لاجل ترك ذي المقدمة من ناحيته. واما ترك ذي المقدمة من ناحية غير الوضوء، فهو مما لا يعلم بترتب العقاب عليه، فاصل البراءة من الفعل لا مانع منه.
وقد نسب إلى صاحب الكفاية في هذه الصورة: القول بالبراءة بالنسبة إلى الوضوء أيضا، واستشكل فيه: بأنه لا يتم بناء على امكان التفكيك في تنجز المركب، فيكون منجزا من جهة غير منجز من جهة أخرى، إذ المقام من هذا القبيل، فان وجوب الصلاة من جهة الوضوء منجز ومن جهة غيره ليس بمنجز،