والعقاب على تركها من غير ناحيته غير معلوم فتجري فيه البراءة بلا معارض.
ولكن الانصاف ان هذا الوجه إنما يتم بالنسبة إلى خصوص اجزاء المركب دون الشرائط، لأنها لا يتقوم بها المركب فلا يكون تركها تركا للمركب كالاجزاء، بل يكون تركها سببا وملازما لترك المركب، فليس هناك تروك متعددة للمركب بتعدد الشرائط كي يتصور التفكيك بينها في المؤاخذة وعدمها، ووضوح هذا المعنى موكول إلى محله، وانما القصد هو الإشارة إلى جهة الاشكال في كلامه من هذه الجهة، وان إقحام ذلك المبحث فيما نحن فيه وتطبيقه عليه في غير محله.
الثالثة: ما افاده من حمل كلام صاحب الكفاية على هذه الصورة واستشكاله في اجرائه البراءة من الوضوء.
وجهة الخدشة فيه: ان نظر صاحب الكفاية إلى صورة أخرى غير هذه الصورة، وهي ما إذا علم اجمالا بوجوب شئ مردد بين كونه نفسيا أو غيريا مع العلم بأنه لو كان غيريا فذي المقدمة ليس بفعلي، كما إذا علمت الحائض بوجوب الوضوء عليها، لكنها ترددت في كونه نفسيا أو غيريا لاجل الصلاة، والمفروض - بحكم كونها حائضا - عدم وجوب الصلاة عليها فعلا. ومن الواضح ان اجراء البراءة في هذه الصورة لا اشكال فيه، إذ مع العلم بعدم فعلية الواجب النفسي الذي يحتمل كون الواجب المعلوم قيدا له، لا يكون العلم الاجمالي بوجوب الشئ المردد بين كونه نفسيا وغيريا منجزا، لأنه لو كان غيريا لا يكون فعليا، فلا يكون أحد طرفيه فعليا، فهو ليس بمنجز على كل تقدير، فلا مانع من جريان البراءة فيه. فلاحظ.
ونتيجة الكلام: ان المتعين في هذه الصورة هو الاحتياط باتيان الوضوء والصلاة المقيدة به للعلم الاجمالي بالوجوب النفسي المردد بينهما، ولا وجه لانحلاله بناء على ما عرفت من عدم قابلية الوجوب الغيري لجريان البراءة،