هذا ولكن الانصاف: ان الاحتياط بالاتيان بالوضوء قبل الصلاة ليتحقق التقيد هو المتعين، بيان ذلك: انه وقع الكلام في جريان البراءة الشرعية التي يتكفلها حديث الرفع في نفي الوجوب الغيري المشكوك.
والسر في ذلك هو: الخلاف في كون المرفوع في حديث الرفع هل هو الحكم الشرعي المجعول، أو أنه المؤاخذة على مخالفة الحكم الواقعي؟ فعلى تقدير كون المرفوع نفس الحكم المجعول أمكن القول بجريان البراءة في الوجوب الغيري إذا كان مجعولا، لا الوجوب الغيري المبحوث عنه في علم الأصول وهو الملازم للوجوب النفسي، لان هذا غير قابل للوضع والرفع، لأنه من الأمور التكوينية غير المجعولة شرعا.
نعم قد يتفق إنشاء البعث الغيري - كما ذكرنا ذلك -، فهو المورد القابل لجريان البراءة لو التزم بان المرفوع هو الحكم المجعول، فان مقتضى اطلاق حديث الرفع هو رفع الحكم المجعول مطلقا نفسيا كان أو غيريا.
وعلى تقدير كون المرفوع رأسا هو المؤاخذة لا الحكم نفسه - كما هو رأي الشيخ - فاما ان يقصد رفع المؤاخذة المترتبة على نفس العمل لاجل مخالفة الحكم المتعلق به، أو يقصد به رفع المؤاخذة المتأتية منه ولو كانت على غيره مباشرة. وبعبارة أخرى: المؤاخذة على العمل اما ان تكون على نفسه مباشرة، أو تكون على غيره ولكن كانت بواسطته وكان هو سببا لتحقق مخالفة الحكم الثابت على غيره، فالكلام في حديث الرفع في أنه يرفع المؤاخذة المترتبة على العمل مباشرة أو الأعم منها ومن المؤاخذة المترتبة بواسطة هذا العمل. وبتعبير أوضح:
هل حديث الرفع يرفع المؤاخذة على العمل، أو المؤاخذة من جهة العمل ولو لم تكن عليه بل على غيره؟.
فعلى الأول: يمتنع جريان البراءة في نفي الوجوب الغيري، إذ من الواضح انه لا مؤاخذة على ترك الواجب الغيري بما أنه كذلك، بل تتحقق