مقتضى العلم المذكور ليس إلا الاتيان بالوضوء، اما الاتيان بالصلاة مقيدة به فلا، إذ ليس ذلك من آثار الوجوب الغيري - كي يلزم ترتيبه بمقتضى العلم الاجمالي -، وانما هو من ملازماته والمفروض أنه غير معلوم كي يعلم بلازمه، فهو نظير عدم ترتب نجاسة الملاقي لما هو محتمل النجاسة الذي يكون طرفا للعلم الاجمالي.
فلا بد من تتميم هذا البيان بان يقال: ان هناك علما اجماليا آخر متعلق بالوجوب النفسي المردد بين الوضوء والتقيد، فلدينا علمان اجماليان ذوا أطراف ثلاثة لاشتراك أحد الطرفين فيهما، لان أحدهما متعلق بوجوب الوضوء المردد بين النفسي والغيري، والآخر متعلق بوجوب النفسي المردد بين الوضوء والتقيد. فوجوب الوضوء النفسي طرف لكلا العلمين.
وعليه، فيقال: ان جريان البراءة في كل من أطراف هذين العلمين معارض بجريانه في الطرف الآخر، فيمتنع جريان البراءة في طرف التقيد لمعارضة بجريانها في الوجوب النفسي للوضوء. فلا ينحل العلم الاجمالي - كما ادعي -.
وأنت خبير: بان هذا الوجه إنما يجدي في اثبات الاحتياط والاتيان بالصلاة مقيدة بالوضوء لو فرض ان لكل من خصوصيتي النفسية والغيرية أثرا خاصا بها غير أصل الالزام الذي هو مقتضى أصل الوجوب الجامع. كي يكون إجراء البراءة فيه بلحاظ نفي ذلك الأثر. ولكن الامر ليس كذلك، إذ ليس لكل منهما أي أثر إلزامي. وعليه فليست النفسية والغيرية موضوعا لأصل البراءة كي يدعى معارضتها بالبراءة في الطرف الآخر. واما أصل وجوب التقيد بلا معارض، إذ البراءة لا تجري في أصل وجوب الوضوء للعلم به، ولا تجري في خصوصية النفسية والغيرية لعدم الأثر فيها. فلاحظ.