يعلم بثبوت العقاب على تركه، فيكون مجرى البراءة العقلية. وإن لم يكن مجرى للبراءة الشرعية بمقتضى ما قرر في المقدمة الأولى.
ويشكل: بان ترتب العقاب على ترك الوضوء اما لتركه نفسه أو ترك الواجب المقيد به بتركه، مرجعه إلى تقرير العلم الاجمالي المدعى المانع من اجراء البراءة في طرف التقيد، فان تحقق العقاب على ترك الوضوء لترك الواجب المقيد به يرجع إلى تحقق العقاب على ترك التقيد الواجب، فليس ترك التقيد طرفا لترك الوضوء بكلا احتماليه كي يكون مجرى البراءة، بل هو أحد احتمالي ترك الوضوء، ففي الحقيقة انه يعلم اجمالا بلزوم الوضوء نفسيا لو لزوم التقيد، وان العقاب ثابت على ترك الوضوء اما من جهة وجوبه النفسي أو من جهة استلزامه لترك الواجب. وبعبارة أخرى: يعلم اجمالا بثبوت العقاب على ترك الوضوء أو ترك الصلاة المقيدة به، واجراء البراءة في كل طرف معارض باجرائها في الطرف الآخر، لان كل طرف موضوع لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
والحاصل: ان وجوب التقيد لا يكون مجرى للبراءة الشرعية كما هو مقتضى المقدمة الأولى، ولا مجرى للبراءة العقلية كما هو مقتضى المقدمة الثانية.
ولكن التحقيق عدم تمامية كلتا المقدمتين، وما ذكره المحقق النائيني من دعوى الانحلال وجيه، وذلك:
اما المقدمة الأولى: فلان أساسها هو عدم قابلية الوجوب الغيري لجريان البراءة فيه. وهذا مسلم في الجملة لا مطلقا، وذلك لان الوجوب الغيري المستفاد من الوجوب النفسي المتعلق بذي المقدمة أمر ذاتي لازم له غير قابل للوضع والرفع، ولكن قد يلتفت الآمر إلى المقدمات فينشئ حكما خاصا بها، كما لو قال: " ادخل السوق واشتر اللحم "، فان الامر بالمقدمة في مثل الحال أمر مجعول قابل للجعل والرفع، فيمكن إجراء البراءة فيه مع الشك.
وبالجملة: عدم جريان البراءة فيما لا انشاء له مستقلا من الوجوبات