التنبيه الثالث: في الشك في القاطعية ذكر شيخنا الأعظم قدس سره في الفرق بين المانع والقاطع أن المانع هو الذي يكون عدمه معتبرا في المركب، فيكون وجوده بنفسه مخلا به، كالاخلال بسائر ما يعتبر فيه من الاجزاء والشروط، والقاطع هو الذي لا يكون مخلا بنفسه، بل بلحاظ قطعه للهيئة الاتصالية والارتباطية في نظر الشارع بين الاجزاء، بحيث يسقط به الاجزاء السابقة عن قابلية الانضمام للاجزاء اللاحقة بعد سبق قابليتها لذلك.
هذا، ولا يخفى أن مجرد سقوط الاجزاء السابقة عن قابلية الانضمام للاجزاء اللاحقة بسبب حدوث بعض الأمور لا يكشف عن اعتبار الهيئة المذكورة زائدا على الاجزاء والشروط، بحيث يكون الامر الحادث قاطعا لا مانعا، بل يجري ذلك في حدوث المانع وغيره من موارد الاخلال بما يعتبر في المركب من الاجزاء والشروط، فإنه مقتضى الارتباطية المفروضة، حيث يكون كل جزء بنفسه صالحا للانضمام لغيره ليحصل منها المركب ويتحقق الامتثال به، إلا أنه لا يعتبر في فعلية ذلك حصول تمام ما يعتبر في المركب من الأمور الوجودية والعدمية.
نعم، للشارع أن يعتبر الهيئة الاتصالية بين الاجزاء بجعل زائد عليها، بحيث يكون المكلف متلبسا شرعا بالعمل وإن لم ينشغل بشئ من أجزائه، لتخلل سكون أو نحوه، نظير اعتبار الاعتكاف مع خروج المعتكف عن المسجد لقضاء حاجة معتادة، ونظير اعتبار الائتمام في الصلاة مع السكون وعدم الانشغال بشئ من أجزائها.
وحينئذ يمكن للشارع جعل شئ قاطعا للهيئة المذكورة، فيخرج به المكلف عن كونه منشغلا بالمركب بنظر الشارع، وإن لم يكن للقاطع بنفسه دخل في نفس المركب، فالقاطع بهذا المعنى مباين للمانع.