بل أطلق على بعض المكروهات - كعبث الرجل بلحيته - بلحاظ منافاته لكمالها. فراجع النصوص المذكورة في أبواب قواطع الصلاة من الوسائل، فإن التأمل فيها شاهد بأن المراد بالقاطع فيها ما ينافي العمل ويفسده، وهو الذي فهمه الأصحاب (رضوان الله عليهم) منها.
الثاني: الشك في قاطعية شئ بالمعنى الأول إن رجع إلى الشك في اعتبار شئ في المكلف به كان المرجع ما تقدم في أصل المسألة.
ولا مجال معه لاستصحاب عدم قاطعيته، لعدم جعل القاطعية بالمعنى المذكور، بل هي منتزعة من التكليف بالمقيد، فلابد من الرجوع للأصل فيه.
ومثله استصحاب صحة العمل، لعدم كون الصحة مجعولة أيضا، ولا موضوعا للأثر الشرعي، فإن موضوع التكليف نفس الفعل، والمفروض تردده بين المطلق والمقيد، وليست الصحة إلا منتزعة من مطابقة المأتي به للمأمور به، وهي - مع عدم الأثر لها إلا الاجزاء العقلي - بالإضافة إلى المركب التام لا تحصل إلا بعد تمامه، وبالإضافة إلى الاجزاء السابقة على حدوث مشكوك القاطعية مراعاة بتمامية المركب، لفرض الارتباطية بينها وبين بقية الاجزاء، فلا يعلم حصولها قبله كي تستصحب.
نعم، لو كان منشأ الشك في قاطعية شئ للمركب احتمال رافعيته لشرطه المتيقن الحصول أمكن استصحاب الشرط نفسه، كما لو شك في قاطعية المذي للصلاة لاحتمال نقضه لشرطها وهو الطهارة.
وأما الشك في قاطعية شئ للمركب بالمعنى الثاني المبني على فرض اعتبار الشارع لهيئته الاتصالية فيمكن معه استصحاب الهيئة المذكورة بعد كونها أمرا مجعولا، كالطهارة، فيترتب أثرها، سواء كان هو صحة العمل والاجتزاء به، كما لو فرض تقييد المكلف به ببقاء الهيئة المذكورة، أم أمرا آخر.
نعم، الكلام في استصحابها هو الكلام في استصحاب الأمور التدريجية