ثم إنه قد جعل بعض الأعاظم قدس سره من أمثلة الشبهة الموضوعية التي تجري فيها البراءة ما إذا تردد لباس المصلي بين كونه من مأكول اللحم وغيره.
بدعوى: أنه بناء على ما هو الظاهر من مانعية غير المأكول من الصلاة، فالمانعية تختلف سعة وضيقا على حسب ما لغير المأكول من الافراد، ويكون كل فرد منه مانعا برأسه، لان الأصل في باب النواهي النفسية والغيرية هي الانحلالية، فالنهي عن الصلاة في ما لا يؤكل ينحل إلى نواهي متعددة بعدد ما لغير المأكول من الافراد خارجا، ويكون عدم كل فرد قيدا للصلاة، فإذا شك في فردية اللباس الخاص له فقد شك في مانعيته وأخذ عدمه قيدا للصلاة، فيؤول الامر إلى الدوران بين الأقل والأكثر من جهة الشبهة الموضوعية، الذي تقدم منه جريان البراءة الشرعية فيه دون العقلية. ووافقه على ذلك في الجملة سيدنا الأعظم قدس سره في مبحث اللباس المشكوك.
وفيه: أن مانعية غير المأكول ليست مجعولة شرعا، بل هي منتزعة من التكليف بالصلاة المقيدة بعدم استصحابه، فلابد من إحراز الصلاة المذكورة، ولو بالأصل، ودليل البراءة لا ينهض بإحرازها. وليس الشك في سعة التكليف، لعدم الاجمال في حدوده.
وما ذكر من الشك في سعة المانعية لا يرجع إلى معنى محصل.
إذ لو أريد بذلك نفس المانعية، فهي غير مجعولة، لتكون موردا للأصل.
وإن أريد بها النهي عن الصلاة في غير المأكول، بدعوى كونه انحلاليا مشكوك الشمول للفرد المشكوك، فالنهي المذكور ليس مولويا، لا نفسيا ولا غيريا، بل هو للارشاد إلى تقييد الصلاة المأمور بها بعدم استصحاب غير المأكول.
وأما النهي الغيري فهو النهي عن استصحاب ما لا يؤكل لحمه تجنبا لمقارنة الصلاة له، نظير الامر بالطهارة مقدمة لوقوع الصلاة مقارنة لها، وعدم