عنه بتحقيق ما يقطع بانطباقه عليه.
إلا أن هذا ليس من الدوران في المكلف به بين الأقل والأكثر، لفرض صلوح المكلف به للانطباق على كل منهما، فهو نظير: ما لو وجب إشباع الفقير واختلف الفقراء في مقدار ما يشبعهم، وجهل حال فقير خاص.
وإن أريد به وجوب شهر معين مردد بين المقدارين، كشهر رمضان المعين، فهو وإن كان مرددا بين الأقل والأكثر بنفسه، إلا أن الظاهر جريان البراءة فيه، لرجوعه إلى وجوب صوم كل يوم واقع بين الهلالين، بنحو يكون وقوع اليوم بين الهلالين شرطا في وجوب صومه، فيرجع إلى الشك في عنوان التكليف، نظير ما تقدم في الصورة الثانية.
إن قلت: ما الفرق بين الوجهين بعد فرض أخذ حد واحد فيهما؟
قلت: لما كان الحد مبينا بمفهومه مجملا بمصداقه، فإن ورد التكليف على الكلي القائم بالمفهوم كان صالحا لتنجيز المفهوم، فيجب إحراز الفراغ عنه بالفرد المتيقن انطباقه عليه.
وإن ورد على الشخصي المعين لم يتنجز المفهوم لعدم ورود التكليف عليه، ولا المصداق بحده الواقعي، لفرض الاجمال فيه وعدم صلوح المفهوم لبيانه، بل يتعين تنجيز خصوص المتيقن دخوله في الحد من المصداق.
وبعبارة أخرى: انطباق العنوان في الأول شرط في صلوح الفرد للامتثال مع فعلية التكليف، واللازم مع الشك في الامتثال الاحتياط، وفي الثاني شرط لفعلية التكليف الضمني والمرجع مع الشك فيه البراءة.
ومن هنا يتعين الفرق بين مثل وجوب إكرام علماء بلد بنحو يختار المكلف أي بلد شاء في مقام الامتثال، ووجوب إكرام علماء بلد خاص، فيجب الاحتياط بإحراز الاستيعاب في الأول، دون الثاني، بل يقتصر فيه على المتيقن الفردية.