والمصاديق مع تحديد الكبرى الشرعية وعدم الاجمال فيها، لوضوح عنوان المكلف به، فالشك في المقام في دخل شئ في المكلف به..
تارة: يكون لعدم إحراز تحقق عنوان المكلف به بدونه، بأن يكون للمكلف به عنوان منتزع من جهة زائدة على ذاته احتمل، توقفها على الامر المحتمل، كما لو وجب تهيئة الحطب الذي يغلي به الماء، وشك في كميته، أو وجب تهيئة سكين يصلح للذبح، وشك في توقف صلوح السكين له على صقلها.
وأخرى: يكون لعدم إحراز انطباق عنوان التكليف عليه، بأن يؤخذ العنوان فيه بماله من الافراد على نحو العموم المجموعي، ويشك في مقدار تلك الافراد، كما لو وجب إكرام كل عالم في البلد وشك في كون زيد منهم.
أما لو كان بنحو العموم الاستغراقي كان مرجع الشك المذكور إلى الدوران بين الأقل والأكثر الاستقلاليين، الذي لا إشكال في جريان البراءة فيه.
كما أنه لو كان بنحو العموم البدلي كان مرجع الشك المذكور إلى الشك في تحقق المكلف به من دون إجمال فيه، الذي لا إشكال في لزوم الاحتياط فيه.
ومثله ما لو علم مقدار المكلف به وشك في مقدار المأتي به، كما لو وجب إكرام عشرة، وشك في بلوغ الجماعة الذين أكرمهم العدد المذكور.
فمحل الكلام مختص بالصورتين الأوليين.
أما الصورة الأولى، فقد تقدم في التنبيه الثاني من تنبيهات البراءة أن المرجع فيها الاشتغال، لصلوح العنوان المذكور لتنجيز منشأ انتزاعه المفروض عدم إجماله، فيجب إحراز الفراغ عنه، فهو ملحق بالشك في المحصل حكما، وإن اختلفا موضوعا، بلزوم كون مورد التكليف في الشك في المحصل هو المسبب المترتب على فعل المكلف، كالتذكية، وفي ما نحن فيه هو نفس فعل المكلف المردد بين الأقل والأكثر.