السعة بلحاظ نفس التكليف المجهول، الذي هو مورد الأصل الثانوي، فينا في وجوب الاحتياط المقتضي لعدم السعة بالإضافة إلى التكليف المجهول، ولا يصلح دليل وجوب الاحتياط لرفع موضوعه، لعدم كونه موجبا للعلم بالتكليف الواقعي، كما تقدم قريبا عند الكلام في الآية.
ولعل هذا هو الأقرب، لما ذكره بعض مشايخنا من أن (ما) الزمانية حسب استقراء موارد استعمالها لا تدخل على فعل المضارع، وانما تدخل على الماضي، فلو كان المضارع في الخبر مدخول كلمة (لم) لكان للاحتمال الأول وجه متين لكنه خلاف الواقع.
ولو سلم دخولها على فعل المضارع أحيانا فلا ريب في ندرته، فلا يصار إليه في غير الضرورة، فحمل (ما) على الموصولة هو الأنسب. وإن كان في بلوغ ذلك حد الظهور إشكال.
ولا سيما مع عدم خلو إضافة السعة للموصول عن تكلف، بل نحو من الركاكة. فإجمال الرواية ودورانها بين الأصل الأولي والثانوي هو المتعين.
نعم، ورد في بعض نسخ الرسائل المطبوعة التي لا تخلو عن ضبط ذكر الحديث هكذا: الناس في سعة ما لم يعلموا) ومن الظاهر أن مدخول (لم) بمنزلة الفعل الماضي، فيتعين معه كون (ما) زمانية مثلها في قولهم عليهم السلام: (البيعان بالخيار ما لم يفترقا) (1)، وغيره مما هو كثير. إلا أنه لا طريق لتعيين أحد الوجهين بعد ما قيل من عدم العثور على الحديث في كتب الاخبار.
ومنه يظهر قصوره عن مقام الاستدلال لضعف السند. نعم، في رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام الواردة في سفرة وجدت مطروحة في الطريق كثير لحمها وخبزها وجبنها وبيضها قال عليهم السلام: فقيل يا أمير المؤمنين عليه السلام: