الشارع، بل هو من شؤون التكليف المتأخرة رتبة عن الخطاب، والثابتة له بحكم العقل والعرف، فلا يكون الاطلاق حجة في نفيه، بل يمتنع الاطلاق والتقييد معا بالإضافة إليه، لعدم كونه من شؤون الحكم الشرعية، بل من لواحقه العقلية، كوجوب إطاعته.
واندفاع الثاني بأنه لا يريد بالتنجز ما يساوق الوصول وقيام الحجة، بل ما يساوق صلوح الخطاب لاحداث الداعي العقلي وانتزاع التكليف المستتبع لحكم العقل منجزا بوجوب إطاعته وقبح معصيته.
وكذا الحال في ما ذكره في الكفاية من أن التمسك بالاطلاق إنما هو فيما إذا شك في التقييد بشئ بعد الفراغ عن صحة الاطلاق بدونه، لا في ما شك نجي اعتباره في صحة الاطلاق.
فإن من القريب جدا رجوعه إلى ما ذكرنا من أن الشك في المقام في لغوية الخطاب في مورد عدم الابتلاء، لعدم صلوحه لاحداث التكليف، لا في تقييد التكليف مع صلوح المورد للاطلاق.
وحينئذ لا مجال لما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من أن الاطلاق بنفسه يكشف عن إمكان عموم الحكم لمورد الشك، وإلا لا نسد باب التمسك بالاطلاقات في جميع موارد الشك، لاحتمال عدم ثبوت الملاك فيها المستلزم لامتناع عموم الحكم لها.
فإنه إنما يتم لو كان مراد المحقق الخراساني قدس سره من امتناع الاطلاق امتناعه بالغرض بسبب قصور الملاك المستلزم لوجوب التقييد عقلا.
أما لو كان مراده امتناعه لقصور المورد عن جعل الحكم المستلزم للغوية الخطاب به من دون أن يحتمل التقييد - كما ذكرنا - فلا يرد عليه ذلك، لما تقدم من أن الاطلاق إنما يكون حجة في نفي التقييد الذي هو من شؤون الشارع، لا في تحديد اللغوية الذي يكون المرجع فيه العقل في مرتبة متأخرة عن