وكأنه لما اشتهر من دلالة (كان) على النسبة في الزمان الماضي. لكن الظاهر انسلاخها في المقام ونحوه عن ذلك، وتمحضها لبيان أصل النسبة، فيدل هذا التركيب على نفي النسبة المذكورة، بل على أنه ليس من شأنها الوقوع، نظير قوله تعالى: ﴿وما كنت متخذ المضلين عضدا﴾ (١)، وقوله سبحانه: ﴿وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون﴾ (٢)، وقوله عز وجل: ﴿وما كان عطاء ربك محظورا﴾ (٣)، وقوله جل شأنه: ﴿وما كان ربك نسيا﴾ (٤)، إلى غير ذلك مما سلط فيه النفي على (كان) وأريد به بيان لزوم النفي، فيناسب المقام.
نعم، لو سلطت (كان) على النفي كانت ظاهرة في الزمان الماضي، كما في قوله تعالى: ﴿كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه﴾ (٥)، وقوله سبحانه: (إنهم كانوا لا يرجون حسابا) (٦)، ومنه لو قيل في المقام: (كنا لا نعذب حتى...) هذا، مع ظهور العذاب في ما يعم العذاب الأخروي أو يخصه، ولا سيما بملاحظة سوق الآية في سياق آيات استحقاق العذاب الأخروي، لبيان قضايا ارتكازية، قال تعالى: ﴿وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا * من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا * وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها...﴾ (7).