العمل به، لعدم لزوم شئ من المحاذير السابقة، وإنما يمتنع ذلك بناء على وجوب الموافقة القطعية.
ومن ثم صرح غير واحد بامتناع جريان الأصل في الفرض - لو وقع - خلافا لبعض الأعاظم قدس سره وبعض مشايخنا.
ودعوى: أن أدلة الأصول وإن لم تنهض بالترخيص في المخالفة الاحتمالية والردع عن وجوب الموافقة القطعية، إلا أن ذلك لما كان ممكنا عقلا - كما تقدم - لم يصلح وجوب الموافقة القطعية للمنع من جريان الأصل الترخيصي في بعض الأطراف معينا في الفرض المذكور، بل مقتضى عموم دليل الأصل جواز الرجوع إليه وإن لزم منه المخالفة الاحتمالية للتكليف المعلوم بالاجمال، فهو وإن لم يكن مسوقا للردع عن وجوب الموافقة القطعية إلا أنه يستفاد منه ذلك تبعا.
مدفوعة: بأن مفاد الأصل ليس إلا رفع منجزية الاحتمال وجعل السعة من حيثية الشك، فهو لا يقتضي إلا الترخيص في الطرف بخصوصيته من الحيثية المذكورة، وهو لا ينافي لزوم الاحتياط فيه من حيثية وجوب الموافقة القطعية للتكليف المعلوم بالاجمال بعد فرض عدم ثبوت الردع عنه.
نعم، لو كان مفاد الأصل الترخيص مع الشك مطلقا ومن جميع الجهات بنحو ينافي وجوب الموافقة القطعية تم ما ذكر.
إلا أنه تقدم عند الكلام في المخالفة القطعية أنه لا مجال لحمل أدلة الأصول على ذلك.
وبعبارة أخرى: المستفاد من الأدلة كون موضوع الأصل حيثية تقتضي الترخيص، كما أن العلم الاجمالي حيثية تقتضي الالزام، وعند اجتماعهما تقدم الحيثية الثانية في مقام العمل، ولا وجه لكون حيثية الأصل رادعة عن مقتضى حيثية العلم الاجمالي بعد عدم كون مفاد الأصل الترخيص من جميع الجهات