إلا أن المحقق القمي قدس سره قال: (ولكن من أين هذا الفرض وأنى يمكن إثباته؟).
وظاهرهما أن وجوب الموافقة القطعية هو المحتاج إلى الدليل، وأن مجرد التكليف إجمالا لا يقتضيه، بل غاية ما يقتضي المنع عن المخالفة القطعية.
ولا يخفى اضطراب كلامهما، كما أطال شيخنا الأعظم قدس سره في تعقيبه، فإنه إن كان مرادهما أن الأصل في الواجب أن يكون مشروطا شرعا بالعلم، وأن التكليف به على إجماله محتاج إلى دليل.
فيدفعه: أن أخذ العلم في الواجب وإن كان ممكنا في الجملة، ولو بنحو نتيجة التقييد، إلا أنه خلاف إطلاق الأدلة، وخلاف ظاهر أدلة الأصول، كما أشرنا إليه في المقام الأول، بل خلاف الاجماع المدعى على اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل.
وعليه يكون الأصل في الواجب عدم الاشتراط بالعلم، من دون حاجة إلى دليل خاص ليتسنى إنكاره من المحقق القمي قدس سره.
وإن كان المدعى أن الواجب شرعا وإن كان مطلقا، إلا أن العلم به على إجماله لا يقتضي تنجيزه عقلا بالنحو المقتضي لوجوب الفراغ عنه.
فهو مخالف لما عرفت من عدم الفرق بين العلم الاجمالي والتفصيلي في التنجيز بالنحو المقتضي لوجوب الامتثال، ووجوب إحرازه عند الشك فيه عقلا.
ودعوى: أنه لما كان العلم الاجمالي عبارة عن العلم بوجوب أحدهما فهو لا يقتضي إلا تنجيز أحدهما بالنحو المقتضي لعدم تركهما معا، دون ما زاد عليه من الخصوصية، لعدم المنجز لها بعد الجهل بها، فالامتثال بأحد الأطراف إطاعة قطعية للتكليف المنجز، وإن كان إطاعة احتمالية للتكليف الواقعي.
مدفوعة: بأن تنجيز العلم على حسب الواقع المعلوم، والمفروض أن التكليف المعلوم مشتمل على إحدى الخصوصيتين، فالخصوصية معلومة على