الهيئات هي الوجود الرابط، ففي مثل (زيد في الدار) تدل لفظة (في) على مقولة الأين، والهيئة على ربطها بالموضوع، ضرورة دلالته على مقولة الأين ولا دال عليها إلا هي.
وما قيل - من لزوم التكرار في الدلالة على الانتساب، لدلالة الحروف الدالة على المقولة عليه، ولو دلت الهيئة عليه لزم التكرار - مدفوع: بأنه من قبيل الاجمال والتفصيل، لدلالة الحرف على العرض المنتسب لموضوع ما، والهيئة على ربطه بموضوع معين (1).
وفيه أولا: أنه بعد الاذعان بأن الاعراض النسبية من قبيل الوجود الرابطي وتقع طرف الربط، لا مجال لجعلها مدلولا عليها بالحروف، للزوم كون معاني الحروف مستقلات بالمفهومية وصيرورتها محكوما بها، فإن الوجود الرابطي هو المحمولي، ومعاني الحروف غير مستقلة بالمفهومية ولا يمكن جعلها طرف الربط.
وثانيا: أن في قولنا: (زيد له البياض)، و (الجسم له طول وعرض)، مما يكون طرف الإضافة غير الاعراض النسبية، ليس المدلول عليه بالحرف إلا نفس الربط، فهل اللام في أمثال ما ذكر تدل على عرض نسبي، أو استعملت في غير ما وضعت له؟ والحل: أنها تفيد الإضافة بينهما، والهيئة تدل على الوجود الرابط، وكذا حال سائر الحروف الحاكية، فإنها بإزاء الإضافات والروابط، وسيأتي الكلام