وأنت خبير بما فيه لان كون تلك الأدوات موقعة للربط مسلم، لكن عدم شأن لها إلا ذلك صرف ادعاء من غير دليل.
مع أن الدليل على خلافه لان إيقاع الربط بالحروف فرع استعمالها بما لها من المعنى ضرورة أن نفس الحروف بلا دلالة على المعنى غير موقعة للربط، والتبادر والوجدان من أهل كل لسان حاكمان بأن بعض الحروف حاك عن الإضافات والنسب، كما نبهنا عليه (1).
وما ذكر - من أن مجموع الكلام بعد إيقاع الربط حاك عن الواقع - كما ترى ضرورة أنه لا وضع لمجموعه، إلا أن يرجع إلى ما سنذكره (2) من أن هيئات الجمل التامة تدل على تحقق النسب، فالحروف وضعت للإضافات التصورية، وهيئات الجمل (للدلالة) على تحققها.
وبما ذكرنا اتضح أنه لا مقابلة بين المعنى الاخطاري والايجادي كما ذكره، بل إيجاديتها ملازمة لاخطاريتها بمعنى أن ألفاظ الحروف المستعملة في معانيها موقعة للربط بين أجزأ الكلام.
وبعبارة أخرى: أن المتكلم إذا أراد الحكاية عن الواقع على ما هو عليه من ربط الاعراض بالجواهر، وجعل كلامه حاكيا عنه، يصير بين أجزأ كلامه ارتباط، وهذا واضح لمن راجع وجدانه، فالاخطارية و الايجادية بهذا المعنى غير متقابلتين، كما أن الايجادية بالمعنى المتقدم لا تقابل الاخطارية بمعنى