واستعاد الصفويون سيطرتهم على العراق سنة 937 ه.
ثم فتح العثمانيون العراق مرة أخرى عام 941 ه، وهكذا كانت المعارك سجالا بين الصفويين والعثمانيين، وكان من الطبيعي في هذا الصراع أن يتعاطف شيعة وفقهاء جبل عامل مع الصفويين.
وكان الصفويون يستقدمون فقهاء جبل عامل إلى إيران ويولوهم مراكز القضاء والفتيا والتوجيه، وكان هذا كله ينعكس على علاقة شيعة الشام وعلماء جبل عامل بآل عثمان الذين كانوا يحكون بلاد الشام يومئذ.
وقد وجد الشيعة في الشام عموما وفي جبل عامل خصوصا حرية نسبية في أخريات العصر المملوكي، وأفادوا من ضعف الدولة المملوكية في ممارسة نشاط ثقافي واسع في مدارس جبل عامل.
فلما سقطت الدولة المملوكية على يد آل عثمان واستولى العثمانيون على الشام وقامت الدولة الصفوية في إيران جدد العثمانيون سياسة الاضطهاد ضد الشيعة بشكل عنيف وضيقوا عليهم.
وكان من أبرز أحداث هذا الاضطهاد الطائفي مصرع الشهيد الثاني زين الدين بن علي عام 965 ه بعد ملاحقة طويلة له في دمشق وجبل عامل والحجاز في موسم الحج.
وكان لهذا الارهاب الذي مارسه العثمانيون ضد فقهاء الشيعة في جبل عامل من جانب وحاجة الدولة الصفوية من جانب آخر إلى الفقهاء والعلماء لإدارة شؤون القضاء والفتيا والتوجيه الديني في النظام الصفوي دور كبير في هجرة علماء جبل عامل من بلاد الشام إلى إيران.
وقد استفادت الدولة الصفوية كثيرا من وجود فقهاء جبل عامل في تنظيم شؤونها كما استفادت في توفير القضاء الشرعي لها، ووجد علماء جبل عامل في إيران مكانا آمنا لهم من الارهاب الذي كان يمارسه العثمانيون ضد الشيعة في الشام.