ثانيتهما (مكتبة أستاذه السيد المرتضى) التي كانت تحتوي على ثمانين ألف كتاب، والتي لازمها ثماني وعشرين سنة.
كل هذه العوامل، وعوامل أخرى أدت إلى نشوء الشيخ الطوسي وتكوين ذهنيته، وثقافته الواسعة.
وقد انتقل الشيخ الطوسي إلى النجف الأشرف سنة 448 ه حينما كبس على داره وأخذ ما وجد من دفاتره وكرسي كان يجلس عليه للكلام كما يقول ابن الجوزي.
وظل بالنجف يمارس مهمته في زعامة الشيعة والتدريس والتأليف وتطوير مناهج الدراسة الفقهية اثني عشر سنة حتى أن آثره الله لدار لقائه في محرم سنة 460 ه عن خمس وسبعين سنة.
ومهما كان من أمر فقد أتيح للشيخ الطوسي أن يبلغ بالمدرسة التي فتح أبوابها أستاذيه المفيد والمرتضى إلى القمة، ويفرض وجودها على الأجواء الثقافية في بغداد وفي العراق عامة.
حتى أن الخليفة القائم بأمر الله بن القادر بالله جعل له كرسي الإفادة والبحث، وكان لهذا الكرسي مقام كبير يومذاك ببغداد.
وقدر له لأول مرة أن يفتح باب الاجتهاد المطلق، والنظر والرأي على مصراعيه واسعا، وأن ينظم مناهج الاستنباط والاجتهاد، ويؤصل الأصول، ويضع مناهج البحث للأصول، ويفرع المسائل، ويضع أصول الدراسة في الفقه، وعشرات من أمثالها مما قدمه الشيخ للطوسي إلى المدرسة الفقهية من الخدمات وقد ذكر العلامة الجليل الشيخ آغا بزرك (سبعا وأربعين مؤلفا للشيخ مما وصل إليه من أسماء مصنفاته).
ملامح المدرسة:
ومما تقدم تبين للباحث أن (مدرسة بغداد) كانت فتحا جديدا في عالم