والفقاهة وأصبحت هذه المنطقة مدرسة عامرة بالفقهاء والعلماء، واستعاد التشيع وجهه الفقهي والثقافي وأصالته في بلاد الشام.
ولما امتد بعد ذلك سلطان العثمانيين إلى بلاد الشام وواصل العثمانيون سياسة الاضطهاد والتضيق على شيعة الشام لم يكن هناك ما يهدد كيان الشيعة العقائدي والفقهي في الشام كما حدث ذلك في فتنة المماليك من قبل، فقد استطاع فقهاء الشيعة خلال هذه الفترة أن يعمقوا في بلاد الشام وفي جبل عامل بالخصوص الأسس الفكرية والفقهية للتشيع.
وقد استحدث الشهيد الأول نظاما خاصا لجباية الخمس وتوزيع العلماء في المناطق، وكان لهذا العمل الفكري والثقافي والتنظيمي الذي نهض به الشهيد ومن خلفه من فقهاء الشيعة دور كبير في حفظ التشيع في بلاد الشام.
وفي بداية القرن العاشر (905 ه) أنشأ السلطان إسماعيل الصفوي الدولة الصفوية في إيران، وهي دولة شيعية معروفة في التاريخ. وفي سنة 914 سيطر السلطان إسماعيل الصفوي على العراق وقضى على دولة " آقا قوينلو " وضم المراقد المقدسة في النجف وكربلاء وبغداد وسامراء إلى الدولة الصفوية.
وتزامن ظهور وتوسع الدولة الصفوية في إيران والعراق وخراسان وهرات مع سقوط دولة المماليك على يد السلطان سليم العثماني وامتداد نفوذ العثمانيين إلى بلاد الشام سنة 923 ه.
وتحولت الساحة الاسلامية إلى ساحة صراع عنيف بين الدولتين الصفوية والعثمانية، وكانت الحرب بينهما سجالا.
واتخذت الحرب بينهما صفة مذهبية مما كان يزيد في عنف المعارك بين هاتين الدولتين.
ففي سنة 920 ه انتصر العثمانيون على الصفويين في موقعة (چالدران) المعروفة. وبذلك انتقل العراق من النفوذ الصفوي إلى النفوذ العثماني ولم يتمكن الشاه إسماعيل الصفوي أن يسترد العراق حتى وفاته سنة 930 ه